الخميس، 4 أكتوبر 2012

حرية

خلق الله ابن آدم حرّاً ... طليقاً ... لم يُكَبّله بقيود ... بل أعطاه كامل الحرية ... لعمل مايريد ... و قول مايريد ... مع تحمله كامل المسئولية ... مسئولية ما قال ... و ما فعل ... و كذلك ... ما لم يقله ... و ما لم يفعله ... و يالها من مسئولية عظيمة ...

<إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا> ... سورة الأحزاب الآية ٧٢ ...  و هل هناك حرية أكبر من قوله تعالى <وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا> ... سورة الكهف الآية ٢٩ ... للإنسان حق الإختيار ... و تحمل العواقب المترتبة على إختياره ... و ذلك بحكم مسئوليته الكامله عن اختياره ...

في حياتنا الدنيا ... و بحسب تعاملنا مع الإنسان ... المُخيَّر ... هل هناك حدود لهذه الحرِّيَّة؟ ... هل يستطيع أيٍّ كان أن يعمل و يقول مايريد؟ ... و بدون حدود؟ ... هل هناك سقف  لهذه الحرِّيَّة؟ ... لو تخيلنا أنه يوجد هناك إنسان ... يعيش في جزيرةٍ نائيه ... وحيداً ... هل هناك حدود لحريته؟ ... مع العلم أنه لايوجد هناك أي إنسان آخر غيره ... و الجواب ... بالطبع نعم ... فأقصى حريته تقف عند الإستخدام الأمثل للبيئة التي يعيش فيها ... فلا يعيث بالأرض أو الشجر أو الماء أو الأحياء الأخرى التي تشاركه هذه البيئة فسادا ً ... و يجب عليه المحافظة عليها ... و العناية بها ... و إلّا يكون قد خان الأمانة ... و سيحاسب على تفريطه فيها ... بحكم مسئوليته الإلاهية ...

لنتخيل أن كل إنسان محاط بفقاعةٍ شفافة ... تُمَثِّلُ حدود حريته القصوى ... من فِعْلٍ و قَوْلٍ و سَمْعٍ و نَظَر ... فله الحرية في أن يضخم حجم فقاعة حريته إلا المدى الذي يرغب به ...  بشرط أن لاتتلامس مع فقاعة حرية البيئة و الأحياء الآخرين ... و حجم هذه الفقاعة ... هو حجم متغير ... بحكم المكان و الزمان و القوانين و المجتمع و العقيدة ... و لهذا السبب نلاحظ أقواماً ... تتغير ملابسهم و تصرفاتهم بمجرد السفر ... حيث يزيدون من حجم فقاعة حريتهم ... ليقوموا بأعمال كانت خارج نطاق هذه الفقاعة في بلدهم ... متحملين مسئولية هذا التضخم في الحرية بعلمٍ أو بجهالة ... 

عند حدوث تداخل في حدود الحرّيات ... يجب التدخل للمساعدة في رفع الظلم ... و كبح الإستبداد ... فلا نسمح بتضخم حرية فرد أو مجموعة على حساب حرية الآخرين ... مهما كانوا ... أحياء أو أموات ... أناس أو حيوانات أو نباتات أو غير ذلك ... لهذا يجب علينا أن نعيد التفكير في تصرفاتنا و ردود أفعالنا ... خشية أن تخرق فقاعة حرية الآخرين ... و لنضع أنفسنا في أماكنهم قبل أن نرد ... و نتأكد أننا بردة فعلنا هذه ... لم نتعرض لحريتهم التي منحها الله سبحانه و تعالى لهم ... كما منحها لنا ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قبل أن أكون

 قبل أن أكون يا ترى .. أين كنت قبل أن أكون؟ أكنت في عالم الذر بداية إلى أن كتب الله لأبي وأمي أن يلتقيا لأكون؟ نعم، لقد كنا أرواحا بلا أجساد...