١- الفساد
المكان : مرصد فلكي شخصي فوق سطح أحدى ناطحات السحاب في مدينة الخبر - الإتحاد المكِّي ...
الزمان: الساعه الواحده بعد منتصف الليل - يوم الأثنين - الخامس عشر من شهر يناير من عام ٢١٥٠ م ...
أحمد بن ماجد ... مهندس متقاعد ... يهوي كل مايتعلق بالفضاء و البحر ... لديه مقرِّباً يستطيع به تقريب البعيد ... يرى به جميع كواكب المجموعة الشمسيه ... بتفاصيلها الدقيقه ... و جميع شواطئ خليجنا العربي .. من الجهة المقابله ... حيث يرى بيوتات الأحواز ... و يعلم أيُّها مسكون و أيها غير كذلك ... سمّاه أبوه بهذا الإسم ... تيمناً بأبي البحار أحمد بن ماجد ... الذي عاش في القرن الخامس عشر ... من أصل نجدي ... ولد عام ٨٢١ و توفي عام ٩٠٦ هجريه ... برع في الفلك و الجغرافيا و الملاحه ... سماه البرتغاليون "أمير البحر" ... حيث كان خبيراً ملاحياً في البحر الأحمر و المحيط الهندي و بحر الصين ... إستعان به فاسكو دي جاما لإكتشاف الطريق الجديد الموصل إلى الهند و المعروف ب "طريق رأس الرجاء الصالح" ... ألف أكثر من أربعين كتاباً ... أشهرها كتاب "الفوائد في أصول علم البحر والقواعد" ...
لايزال أحمد يذكر إعلان الإتحاد المكّي في بداية هذا القرن ... حيث انضوت جميع الدول العربيه و الإسلاميه تحت رايةٍ واحده ... جعلت منها القوّة العظمى ... في هذا الكوكب الصغير ... حيث رمت جميع الدول خلافاتها من وراء ظهورها ... و مدَّت أيديها لبناء أمةٍ عظيمه إتفقوا على أن تكون إتّحاداً فدراليّا ... عاصمته الروحيه مكة المكرمه ... و عاصمته السياسيه المدينة المنوره ... و عاصمته العلميه القدس الشريف ... يحكم بالعدل و العلم ... و بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف ... حيث الوسطيه ... و التي تلبي مطالب الجميع ...
الإتحاد المكّي ... حيث اتحدت جميع الدول العربيه الثلاث و العشرين ...الاردن و فلسطين وسوريا والعراق ولبنان و تونس و الجزائر و السودان و ليبيا و مصر و المغرب و موريتانيا و الامارات العربية المتحدة و البحرين و السعودية و عمان و قطر و الكويت و اليمن و جيبوتي و الصومال و جزر القمر و الأحواز ... و جميع الدول الإسلاميه التسع و الثلاثين لتكون أمه عظيمها قوامها أكثر من ٦٠٠٠ مليون فرد ... أقل قليلاً من نصف سكان العالم ...
أحمد مشى على خطا من سُمِّيَ عليه ... في شغفه بالفلك و علوم البحار ... فقد قرأ جميع كتب الفلك القديمه و الحديثه ... و يعد خبيراً فلكياً و ناشطاً في المحافظة على البيئه ... و دائماً مايردد قوله سبحانه و تعالى ... في سورة الروم آية رقم ٤١ ... "ظهر الفساد في البر و البحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون" ... و يرى أن الإنسان قد أفسد بيئته برّاً و بحراً ... و لا بد أن يتراجع الإنسان و يصلح ما أفسده ... حيث ظهر أثر هذا الفساد ... منذ نهاية القرن الماضي ... و لايزال ... حتى عصره الحالي ... منتصف القرن الثاني و العشرين ... و لكن ... بفضل من الله ثم بجهود علماء الإتحاد المكِّي ... بدأ تأثير هذا الفساد يتناقص سنة بعد سنة ... و لكن لايزال ينتظر كوكب الأرض الكثير من الكوارث ... إذا لم يتم القضاء على هذا الفساد ... قضاءاً تامّاً ... في المستقبل القريب ...
أحمد بدأ بدراسة تأثير الإنسان على الفضاء ... و بدأ يلقي المحاضرات و التحذيرات ... موضحاً الخطر القادم من علٍ ... فقد إمتلأ الفضاء الخارجي ... بخردوات كثيره ... هي بقايا ماتركته الدول العظمى في القرن الماضي ... من محطات فضائيه ... أقمار صناعيه ... أجهزة اختبارات ... تجسس ... أجهزه حربيه ... جميعها إنتهى عمرها الإفتراضي ... فتركت تهيم على وجهها ... ملوثةً فضائنا بمواد خطيره ... بدأ أثرها يبدو للجميع ... فقد عجّلت في ارتفاع درجة الحراره على سطح الأرض ... و زادت من تعرض سطح الأرض للأشعه الكونيه الخطيره ...
٢- اللغز
في هذه الليله ... و بينما كان يرصد نقطةً بعيدةً في الفضاء الخارجي ... مستخدماً دوائر الكترونيه ذات حساسيه شديده ... و يُدَوِّن مايرى ... لاحظ شيئاً غريباً ... غريباً جدّاً ... فالأشعه المسجله في جهاز الكمبيوتر ... تزيد شدتها بعد كل ٦٠ دقيقه لمدةٍ قصيره ... لاتلبث أن تعود كما كانت ... و هكذا ... تستمر على نفس المنوال ... يتقارب هذا المنوال دقيقة واحده كل اسبوع ... و كأن جسماً يقترب من كوكبنا ... من دون أن نتمكن من رؤيته ... و الغريب أن هذا الجسم لايتحرك إلاّ في المساء ... و يبقى ساكناً طوال النهار ... شيئ محير ... لخبير في مثل علمه ...
اتصل بزميله البروفسور فاضل ... من جامعة ترومسو ... في الإتحاد الأوروبي ... في أقصى الجزء الشمالي من الكرة الأرضيه ... حيث صفاء الجو ... و الظلام الدامس في هذه الأيام ... أرسل إليه جميع المعلومات و التفاصيل ... عله يرى مالم يستطيع أن يراه ... و ينتظر الرد على أحر من الجمر ... عليه الإنتظار لأكثر من شهر ... لكي يتمكن البروفسور فاضل ... من جمع معلومات جديده ... بصفه يوميه ... و من ثم تحليلها للإنتهاء بالنتيجة التي تشرح الحقيقه ... كامله ...
كوّن البروفسور فاضل فريقاً علميّاً ... لدراسة هذه الظّاهره دراسةً دقيقه ... و طلب من المهندس أحمد أن يكون على اتصالٍ دائم بهم ... لحل هذا اللغز الغريب ... أنشاء الفريق قاعدة بيانات لتخزين جميع البيانات فيها و مشاركتها آنياً مع بروفسور الرياضيات القدير محمد طه ... و القاطن في قاهرة المُعِز ... و بعد أن جمع الفريق معلومات كثيره ... قرروآ أن يجتمعوا في بيت المقدس ... العاصمه العلميه للإتحاد المكّي ... نظراً لتوفر جميع الأجهزه العلميه ... و العقول النادره ...
في بداية شهر فبراير ... قدم الجميع إلى القدس ... لتدارس و تحليل المعلومات ... و البدأ في حل اللغز ... افتتح المهندس أحمد الجلسه العلميه بشكره الجميع على مجهوداتهم ... و حثهم على التعاون معاً لإيجاد ماهيَّة هذا الشيئ العجيب ... أبدى البروفسور محمد طه رأيه في القضيه ... و أوضح أنه لم ينتهي من تحليل المعطيات ... و لكن ... يستطيع الجزم بأنها تترابط بنموذج رياضي ... سوف يكشف عنه بعد الإنتهاء الكامل من تحليل الخوارزميات للمعلومات الموجوده ... و طلب من العلماء الإستمرار في جمع المعلومات ... و تخزينها في قاعدة البيانات ... للإستفاده منها لاحقاً ... و أكد أنه سوف ينهي تحليل البيانات قبل نهاية الأسبوع ... هل ينتظر العالم لأسبوع ... هل ستكون النتائج من صالح كوكب الأرض ... أم عكس ذلك ... هذا هو مايدور في عقل أحمد في ذلك الوقت ...
في نهاية الأسبوع ... و في صلاة الجمعه في المسجد الأقصى ... أخذ الخطيب الشيخ الدكتور سعيد النجار ... يحدث الناس في أمور دينهم و دنياهم ... و يختصر للمصلين ماحدث خلال الأسبوع الفائت ... من اكتشافات علمية جديده ... قام باكتشافها علماء أفاضل ... و قرارات سياسيه جديده ... اتخذت لتسهيل مصالح العباد ... ثم حثهم على أتمام أمور دينهم ... و أن لاتشغلهم الدنيا عن حق الله ... و رحب بضيوف بيت المقدس من العلماء المجتمعين لحل اللغز الفضائي ... و دعا لهم بالتوفيق و النجاح ...
بعد الصلاه ... اجتمع جميع العلماء في قاعة القدس للمؤتمرات ... حيث يدلي كل بدلوه و يشرح ما توصل إليه من نتائج ... بدأها البروفسور محمد طه ... حيث أخبر الجميع أن تحليل المعلومات المتحصل عليها طيلة الأسابيع الماضيه ... تدل على رسالة قادمة من الفضاء ... حيث أنه لم يفك شفرتها ... و لكن من سياق تدفق المعلومات ... يعتقد أنّها رساله تحذيريه ... قادمه من مخلوقات عاقله ... تسكن في موقع بعيد جداًّ عن كوكبنا ... و هو في حاجةٍ إلى علماء لغات و لهجات لمساعدته في فك طلاسم هذه الرساله ... و يقترح أن ينضم عالم الآثار خالد أوغلو إلى الفريق لخبرته في فك شفرات الآثار القديمه ... و كذلك عالم اللسانيات عمر بهراتا لخبرته في تحويل الرسالات المشفره إلى كلمات مفهومه ... كذلك أخبر الجميع بأنه توجد بعض المعلومات المبتوره و التي لم يتم استقبالها ... لهذا طلب من البروفسور فاضل و المهندس أحمد أن يساعدوه في الحصول على هذه المعلومات المفقوده ... و تقرر أن يرأس البروفسور محمد طه فريق البحث ... و من خلال مداخلة تلفزيونيه من المدينه المنوره، العاصمه السياسيه، قرر رئيس الإتحاد المكّي، و الذي يتابع وقائع المؤتمر بصفة شخصيه، فتح ميزانيه خاصه توفر لفريق العمل مايحتاجون لإنهاء بحثهم و حل اللغز في مدةٍ لاتتجاوز الشهر الواحد ...
انفض المؤتمر و جميع المشاركين يعلمون المطلوب منهم ... فكل عضو من أعضاد الفريق توجد لديه مشكلة علمية مطلوب منه ايجاد حل لها ... فذهب كلٌّ إلى مختبره و بدأوا في تفكيك اللغز لكي يتمكنوا من تقديم نتائج عملهم إلى رئيس فريق البحث خلال أسبوعين ... كما انضم إلى الفريق المخرج التلفزيوني أسامه الجندي من أجل توثيق هذه اللحظات ... فهو معروف كمبدع في إخراج الأفلام الوثائقيه و العلميه بتقنية الهولوجرام ...
فى الحال ... أرسل رئيس الإتحاد المكِّي رسالة تلفزيونية مسجله ... لجميع رؤساء أمم الأرض ... في الإجتماع غداً ... في جزيرة قبرص ... لإستمذاج الآراء حول هذه المسأله ...
٦- الدعوة
في بداية شهر إبريل من هذا العام ٢١٥٠م ... اجتمع فريق "الدعوه" في جامعة ترومسو ... للتباحث في الطريقة المثلى لبدأ الإتصال بعلماء الكوكب المائي ... بدأ أحمد الإجتماع بتعريف أعضاء الفريق :
٢. البروفسور فاضل الحلبي - ٣٢ سنه - دكتوراه في علوم الفضاء - خبير في البحث عن الحياه خارج كوكب الأرض - جامعة ترومسو - ترومسو - الإتحاد الأوروبي - عضو فريق "الدعوه" ...
٣. السر عثمان أحمد - ٢٦ سنه - عالم صناعات فضائيه - جامعة مؤسسة الأبحاث الفضائيه - الخرطوم - الإتحاد المكِّي - عضو فريق "الدعوه" ...
٤. البروفسور محمد طه - ٤٥ سنه - دكتوراه في الرياضيات - خبير فك الشفرات - جامعة القاهره - القاهره - الإتحاد المكِّي - عضو فريق "الدعوه" ...
٥. البروفسور خالد أوغلو - ٦٥ سنه - دكتوراه في علم الآثار - خبير فك شفرات الآثار القديمه - جامعة أنقره - أنقره -الإتحاد المكِّي - عضو فريق "الدعوه" ...
٦. البروفسور عمر بهراتا - ٦٢ سنه - دكتوراه في اللسانيات - خبير اللغات و اللهجات القديمه - جامعة دلهي - دلهي -الإتحاد الآسيوي - عضو فريق "الدعوه" ...
٧. البروفسور ندى إبراهيم - ٣٥ سنه - دكتوراه في علم النفس البشري - خبيرة فِراسه و توقعات - مجلس الأمن الأرضي - صنعاء -الإتحاد المكِّي - عضو فريق "الدعوه" ...
٨. سيف السيف - ٧٠ سنه - مجلس حكماء كوكب الأرض - نواكشوط -الإتحاد المكِّي - عضو فريق "الدعوه" ...
٩. أسامه الجندي - ٣٦ سنه - ماجستير في الإخراج التلفزيوني - مصور محترف و خبير تصوير هولوجرامي - هوليوود - الإتحاد الأمريكي - عضو فريق "الدعوه" ...
١٠. البروفسور حسن مسعود - ٣٠ سنه - دكتوراه في الفيزياء - خبير موجات - جامعة المحرق التقنيه - المحرق - الإتحاد المكِّي - عضو فريق "الدعوه"
٢. تشفير الرساله بطريقه مشابهه لطريقة الرساله التي استقبلت من الكوكب المائي ... أعطيت هذه المهمه إلى خبير فك الشفرات البروفسور محمد طه ... و حددت مدة العمل بها و الإنتهاء منها أسبوع واحد ...
٣. تحديد طريقة الإرسال بحيث يسهل استقبالها في الطرف الآخر ... أعطيت هذه المهمه إلى خبير البحث عن الحياه خارج كوكب الأرض البروفسور فاضل الحلبي ... و حددت مدة العمل بها و الإنتهاء منها أربعة أسابيع ...
٤. تطوير طريقه يتم فيها اختصار زمن الإرسال و الإستقبال بحيث لايتجاوز وصولها إلى المستَقْبِل الشهر الواحد ... أعطيت هذه المهمه إلى خبير الموجات البروفسور حسن مسعود ... و حددت مدة العمل بها و الإنتهاء منها أربعة أسابيع ...
٧- الإتصال
طلب البروفسور بأن ينضم الفيزيائي الشهير سامي نايف إلى الفريق ... و الحاصل على جائزة القدس العلميه ... أرفع جائزه علميه في القرن الثاني و العشرين ... من أجل المساعده في حل هذه المعضله ... ومع انضمامه للفريق ... حمل معه خبرات علميه و عمليه رفيعه ... حيث أنه تمكن من الإثبات العملي لنظرية آينشتاين عن وجود "الثقب الدودي" ... و هو في طور استخدامه في الإنتقال الآني ... في هذا الكون الرحيب ...
٨- الزيارة
رجع فريق البروفسور محمد طه ... إلى طاولة البحث ... للعمل على فك شفرة الرد ... و تحويله إلى جمل مفهومه ... يبدو أن الرد طويلٌ بالنسبة لطول الرسالة المُرسَله ... لهذا ... توقع البروفسور محمد طه ... أن يستغرق فك الشفره الأيام الثلاثه ... فشمَّر الفريق عن سواعده ... و لزم معمل جامعة بيت المقدس ... مواصلاً النهار بالليل ... لحين إنتهاء مهمتهم ... و بمساعدة كمبيوتر الجامعه الخارق ... تم الإنتهاء من فك الشفره ... في يومين إثنين ...ماذا كان الرد ياتُرى؟ ...
٩- التعارف
عبدالله واقفاً أمام الكعبه ... مواجهاً ضيوف بيت الله الحرام ... و الناس مدهوشين مما رأوا في التو ... إعتلى عبدالله حائط الحِجر ... و تلى بصوت جهوري جميل الآيه رقم ١٣ من سورة الحجرات "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوباً و قبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير" ... أعرفكم بنفسي ... أنا عبدالله بن الحسن ... إنتدبني قومي إليكم ... للتعرف عليكم ... و تبادل المعلومات ... من أجل أن يفهم بعضنا بعضاً ... أيكم ممثلاً لقومكم؟ ... "أهلاً و مرحباً بك ياأخي في موطنك و بين أهلك" ... قالها حكيم الحكماء سيف السيف ... مرحباً بالزائر الكريم ... "أنا سيف السيف ... مندوباً و ممثلاً لجميع أمم الأرض" ...
١٠- التقييم
إجتمع عبدالله بن الحسن ... و سيف السيف ... في بيت الله الحرام ... حيث أديا صلاة الفجر بالقرب من الكعبة المشرّفه ... وجلسا في مكانهما ... يتلون أورادهم المعتاده ... حتى شروق الشمس ...
بعد صلاة الفجر ... إجتمع أعضاء فريق "الذهاب" بعبدالله بن الحسن ... داخل الحِجْر ... ممتثلين لتعليماته ... مع شروق الشمس ... أضاءت السماء بلون أزرق ... فتتابع تغير الألوان ... إلى أن تدفق شعاع أحمر حتى غطى عبدالله بن الحسن و أعضاء فريق "الذهاب" ... وإذا بفرقعةٍ عظيمه ... و ضباب أبيض غطى منطقة حِجر إسماعيل ... أختفى الجميع بعد انقشاعه ... الجميع يرى ماحصل ... مرتادي الحرم مدهوشين و فاغرين أفواههم ... يسألون بعضهم البعض عن ماهية ماجرى ... هرج و مرج ... أين ذهبوا؟ ... ماكان هذا؟ ... الجميع يبحث عن إجابه ... تشفي ذلك الفضول الممزوج بالخوف ...
ينصت أعضاء الفريق ... لحديث عبدالله ... مستأنسين به ... لحين و صولهم إلى مقصدهم ... و الجميع في ترقب ... لما ستكون عليه نهاية هذه الرحله ... الغريبه .... و العجيبه ... أخبرهم عبدالله بأنهم على وشك الوصول ... و طلب منهم أن يمسك كل منهم الآخر ... من أجل تحمل صدمة تناقص السرعه ... و الوقوف المفاجئ ... فقبض كل منهم بكف الآخر ... و أغمضوا أعينهم ... فجأه ... إذا بفرقعةٍ عظيمه ... و قوةٍ غريبه ... تصاحب صدمة الوقوف ... هدوءٌ غريب ... فتح الجميع أعينهم ... و إذا هم وقوفاً على منصةٍ مرتفعه عن مستوى الأرض ... ذات إنارةٍ ذاتية زرقاء ... وأمامهم عشرات الأشخاص المبتسمين ... كسر عبدالله جدار الصمت ... "السلام عليكم ... أقدم لكم أصدقائي من كوكب الأرض" ... "وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته" قالها جميع من حضر ... "أهلاً و سهلاً بضيوفنا الكرام ... نحن في انتظار و صولكم على أحرِّ من الجمر ... مرحباً بكم بين أهليكم ... و في بيتكم" ... قالها رجلٌ وقور ... تبدو الحكمة على محياه ... متقدِّماً إليهم ... بعزّة العالم ... و وجه الكريم ...
١٣- الجولة
عندما ذهبوا إلى النوم ... و استلقى كل منهم على سريره ... و لم تعد هناك حركة في المسكن ... أعتمت جميع الحوائط و السقوف الزجاجية ... و تمت إضاءة أركان الممرات بضوء أصفر خافت ... جو مريح للنوم ... و اشتغلت موسيقى هادئه في الخلفيه ... تريح الأعصاب ... فاستغرق الجميع في نوم عميق ... تخلله بعض الأحلام ... عن ماسوف يرونه بعد قليل ...
بعد فترة وجيزه ... سمعوا أذان العصر في جميع أرجاء المسكن ... يأتي من خلال الحوائط الزجاجيه ... يُرفَعُ بصوت عذب جميل ... هادئ مملوء دفأً و إيماناً ... فاستيقظوا ... و توضأوا ... و إذا بالجدران الزجاجيه ... تشير بسهم إلى اتجاه القبله ... فصلوا ... و جلسوا في مصلاّهم ... في انتظار عبدالله ...
وإذا بصوت عبدالله و هو خلف باب المسكن ... و صورته على الحائط القريب من المصلى ... مستأذنا في الدخول ... "أهلاً و مرحباً ... تفضل ... نحن في انتظارك" ... سوف أدخل أنا و معي أبنائي ... جالبين لكم طعاماً ... فلا بد أنكم جائعين ... دخل عبد الله مع أبنائه الثلاثه ... محمد و سعد و دانيال ... فأعدوا سفرة الطعام ... و دعوا ضيوفهم إليها ... و قد احتوت على ما لذ و طاب من خضروات و فواكه هذا الكوكب الجميل ... و بعضٍ من المأكولات البحريه ... و اللحوم الحمراء و البيضاء ... و عصيرات طازجه ... و مياه نقية ...
بدأوا بتجاذب أطراف الحديث ... مع عبدالله و أبنائه ... عن المسكن ... و هذه التكنولوجيا العجيبه ... و هل جميع المساكن مشبهة لهذا السكن ... أم أن هذه التكنولوجيا تعرض للخاصة فقط ...
امتعض عبدالله من حديثهم قليلاً ... فقال "في كوكبنا ... لايوجد خاصة و عامة ... الجميع هنا سواسيه ... في استطاعتهم الحصول على مايختارون ... فالعلم يخدم الجميع ... بدون النظر إلى الأصل و الفصل ... الجميع هنا يخدم الأمّه ... و يبدع في ذلك ... ففرحة الإنسان لاتوصف ... إذا قدم جديداً لأمّته ... و رئاسة الأمة تشجع الجميع علي العطاء ... و تدعم الجميع ... كل في تخصصه ... سوف ترون ما أعني بعد قليل ... استمتعوا بما أنعم الله علينا ... و بعدها ... لكل حادث حديث" ...
خرجوا مع عبدالله و أبنائه ... إلى سطح ناطحة السحاب ... و بدأوا يرون المدينة من الأعلى ... و عبدالله يشرح لهم و يجيب على كل تسائلاتهم ... فجميع مباني المدينه تتكون من الطابق الواحد ... الأشجار تحيط بها ... اللون الأخضر طاغياً ممتداً مدّ البصر ... و جميع مباني المدينه ... مشيدةٌ من الزجاج ... حوائط و أسقف ... و حوالي كل مبنى مساحات خضراء تحيط به من جميع الجهات ... لاتوجد شوارع سوداء ... أبداً ... لاتوجد أعمدة إناره على جانبي الممرات ... لاتوجد مركبات متوقفه أمام المباني ... هناك مركبات غريبه تتحرك في الممرات ... و لكنها تختفي إذا وصلت مبتغاها ... منظر المدينة من علٍ يخلب الألباب ... و الطقس جميلٌ جدّاً ... فالحراره في حدود ٢٤ درجه مئويه ... بين الفينة و الأخرى تتساقط حبات مياه على شكل رذاذ خفيف ... تزداد شدتها فوق المسطحات الخضراء ... الشمس مائله على وشك الغروب ... السماء زرقاء شديدة الزُّرقَة ... من بعيد ... تتكسر أشعة الشمس فوق مسطَّحٍ مائي كبير ... تصب فيه آلاف الأنهار الصغيره و التي تخرق المدينة من جميع الجهات ... في الجهة الأخرى ... هناك قمَمٌ جبليه مكسوةٍ بالثلج الناصع البياض ... و كثبان رمليه تقف صامدةً أمام هذا الغزو الأزرق الأخضر الأبيض... مكملةً سلَّة الألوان بلونٍ ذهبيٍّ جميل ... جمالٌ أخّاذ ... سبحان الله ... جنَّةُ الله في أرضِه ... هذا مارأوه و هم في أعلى البرج ... ماذا ياترى سوف يرون ... إذا اقتربوا من أرض الكوكب ... و بدأوا يلمسون الأشياء بأيديهم عن قريب؟ ...
"سوف نبدأ جولتنا ... بزيارة للمتحف الطبيعي لكوكبنا ... حيث يأخذكم في جولةٍ تاريخيّه ... من عصورنا الغابره ... إلى اليوم ... لكي تستوعبوا ... ماكنا عليه .. و ماصرنا إليه ... علّها تساعدكم ... في رؤية واضحه ... لمصير أرضكم ... إذا استمر فسادكم فيها ... و عبثكم بطبيعتها" ...
١٤- الرحلة
رافق فريق "الذهاب" عبدالله و أبنائه قاصدين المتحف الطبيعي و الذي يقع في ضاحية المدينة ... نزلوا من ناطحة السحاب مستخدمين المصعد السريع ...
خرجوا من المصعد إلى بهو المبنى الضخم ... و المُنار بإضاءه طبيعيه ... حيث أشعة الشمس الهادئه ... تملأ المكان من خلال الجدران الزجاجيه الكبيره ... لدى خروجهم من المبنى ... كانت هناك عربة غريبة الشكل في انتظارهم ... لبعربة فارغة و لايوجد بها سائق ... ركبوا جميعاً ... في مقاعد وثيرة ... متقابلة ... و أغلقت الأبواب بمحرد جلوس الجميع على مقاعدهم ... صوت هادئ يخرج من جدران المركبة ... يرحب بهم و يسألهم عن وجهتهم ... "المتحف الطبيعي في الضاحيه الشرقيه بأقصى سرعة" ... قالها عبدالله رادّاً على استفسار المركبه ... "حسناً ... المتحف الطبيعي ... الضاحية الشرقية ... مسافة الرحلة ٥٠٠ كيلومتر ... سرعة المركبة ١٠٠ كيلومتر في الدقيقه ... زمن الرحلة ٥ دقائق ... معلومات الطقس في الوِجهة المطلوبة ... درجة الحرارة المؤثرة ٢٢ درجه ... أمطار خفيخة جدّاً ... بسم الله الرحمن الرحيم ... توكلنا على الله" ... ترتفع المركبة عن الأرض ... و تنطلق بسرعة رهيبة ... إلى الوجهة المطلوبة ...
إلتفت أعضاء الفريق إلى بعضهم البعض ... غير مصدقين لما قيل ... المركبة ثابتة ... كأنها واقفة ... مع أنّها منطلقة بسرعة كبيرة جدّاً ... لاتوجد ارتجاجات أبداً ... و لا أصوات مزعجه ... هدوء شديد داخل المركبة ... توجد شاشات كثيره موزعة داخل المركبة ... بحيث يستطيع كل راكب مشاهدتها من مقعده ... براحة تامة ... يعرض عليها ... فيلماً عن طبيعة الكوكب المائي ... صوراً جميلة ... تكاد تكون واقعيه ... بتقنية عرض مُجَسَّم ... لدرجة أن المشاهد يصبح جزأً من العرض ...
كاسراً هذا الهدوء العجيب ... قال أحمد ... موجّهاً سؤالاً إلى عبدالله ... "هل الجميع هنا يتحدثون العربية ... هل يدينون جميعهم بدين الإسلام ... ألا توجد تحزبات مناطقيه ... لغويه ... أو دينيه؟" ... "نعم" ... قال عبالله مجيباً على استفسار أحمد ... " الجميع هنا يتحدّث العربيه ... و يدين بالإسلام ... كانت هناك لغات و تحزبات و ديانات مختلفة ... منذ آلاف السنين ... و لكنها اندثرت ... وحل محلها لغةً واحدة ... و دين واحد ... و أمةً واحدة" ...
ياالله ... ياله من حلمٌ جميل ... يداعب خيال الإتحاد المكّي ... أن يتحد جميع سكان الأرض ... بلغة واحدة و دين واحد ... و تكوين أمّة واحده ... تبني الأرض بالعلم و العدل و الحب ... ياترى ... هل هذه مدينة أفلاطون الفاضله ... و الله ... و كأنها هي ...
يصل الفريق إلى وجهته ... تقف المركبه أمام غابة كبيرة ... "وصلنا إلى و جهتكم ... الحمد لله على السلامة" ... قالتها المركبة ... قبل أن تفتح الأبواب ... نزل الجميع من المركبة ... حيث رافقوا عبدالله و أبنائه ... إلى داخل الغابة ...
لماذا الغابة؟ ... هل غيّر عبدالله رأيه ... و ألغى الرحلة إلى المتحف الطبيعي ... ماذا سوف يرون هناك؟ هل هناك عجائب أخرى تنتظرهم في داخل الغابة ... هذا ماسوف نرى في الجزء القادم ...
١٥- المتحف
عبدالله يمشي بجانب أحمد بن ماجد ... و بقية المجموعه في الخلف مع أبناء عبدالله ... الغابه كثيفة الأشجار ... تقطنها أنواع كثيرة من الطيور ... أصواتها جميلة تريح الأعصاب ... روائح عطرية طبيعية جميلة ... هواء نقي جدّاً ... و صوت خرير مياه شلال صغير منحدر من أعلى الجبل الصغير ... الموجود داخل الغابه ... حشرات ملونه تمشي علي الأرض ... أنواع كثيرة من النمل ... يقطن في بيوت رملية ... و فراشات تطير بين الزهور التي تملأ المساحات بين الأشجار ...الكبيره ... ممر من الحجر المصفوف بطريقة عشوائيه ... تتداخل الأحجار في توافق تام مع ماحولها من النباتات ... يتوقف الممر الحجري عند حافة النهر ... و يتحول إلى جسر زجاجي محدب يمتد فوق مياه النهر الجاري ... تمشي المجموعة على اللممر في هذا الجو البديع ... و المناظر الخلابه ... الرؤيه واضحةٌ جدّاً و الألوان مركزه تركيزاً مميزاً ... صفاء مياه النهر غير طبيعي ... تستطيع أن ترى جميع الكائنات التي تعيش في أسفله بسهوله ... أسماك عجيبه ذات ألوان زاهيه ... لها أذناب طويله ... تتحرك بهدوء فوق السلاحف الذهبيه الجميله ... و التي تمشي في قاع النهر ... هناك بعض النباتات المزهره في القاع ... ينتهي الجسر الزجاجي عند الحافة المقابلة للنهر ... و يبدأ الممر الحجري مرّةً أُخرى ...
لوحة كبيرة نرحب بالزوار ”مرحباً بكم في المتحف الطبيعي للكوكب المائي“ ... بعد عبورهم من تحت اللافتة ... تجسدت أمامهم صورة هولوجراميه لفتاة جميلة ... كأنها حقيقية ... رحبت بهم قائلةً ... ”مرحباً بكم ... أنا أدعى الخنساء ... سأكون مرشدتكم هذا اليوم عبر قاعات المتحف الطبيعي ... سوف آخذكم اليوم عبر أحد عشرة قاعة ... تجسد القاعة الأولى تاريخ بداية الكوكب ... حتى بداية الحضارة ... و تجسد كل قاعة من القاعات التالية ... حقبة مدتها خمسمائة عام من عمر حضارتنا ... منذ اليوم الأول من السنة الأولى ... إلى آخر يوم من عام ٥٠٠٠ ... علماً بأن التاريخ اليوم هو اليوم العاشر من الشهر السابع من العام ٥٠٠٠ ... فلنبدأ رحلتنا ... إلى بداية الكوكب ... توكلنا على الله“ ...
قادتهم المرشدة إلى القاعة الأولى ... قبة زجاجية كبيرة ... من الزجاج الملون الجميل ... متمازجة تمازجاً تاماً مع الطبيعة من حولها ... و لاتزال نفس الأجواء من درجة الحرارة و الرائحة و الإنارة و الأصوات ... موجودة داخل القبة ... القبة فارغة تماماً ... هناك بقعة دائريةٌ حمراء في منتصفها ... تقودهم المرشدة إلى البقعة الحمراء توجد بها عدة مقاعد وثيرة ... مصفوفة على شكل دائرة كاملة ... بحيث تكون ظهور المقاعد مقابلة لمركز الدائرة ... و واجهاتها تطل خارج الدائرة ... تطلب منهم المرشدة الجلوس ... ”الآن سوف أترككم تستمتعون بالعرض المجسم و الشبه حي ... و سوف أعود إليكم قبل انتهائه ... أستمتعوا“ ... قالتها المرشدة ثم اختفت و كأنه لم يكن لها وجود ...
أظلمت القاعة تدريجياً إلى أن أصبحت القاعة في ظلام دامس ... تحركت المقاعد لتركز نظر المجموعة إلى نقطة مضيئة صغيرة في منتصف أعلى القاعة ... و صوت محيطي يشرح لكم مايرون ... و كذلك كتابات تظهر تشرح بعض معطيات الحدث ... تبين الزمن و درجة الحرارة و الضغط و الحجم ... بأرقام واضحة تتحرك و تتغير مع تحرك و تغير الحدث ... مالبثت هذه النقطة المتكونة من بلازما الهيدروجين ذات الكثافة العالية و درجة الحرارة المرتفعة و الضغط الكبير ... أن انفجرت ... و في غضون جزء من الثانية ... اتسعت اتساعاً هائلاً فتناثرت مادتها على مدى اتساعها ... فبدأت كثافتها و درجة حرارتها و ضغطها في النقصان ... إلى الحد الذي أتاح للبروتونات و الإلكترونات من الإتحاد مكونةً ذرّات الهيدروجين ... كل هذا يحدث أمامهم ... و معلومات رقمية توضح التغيرات طول فترة العرض ... وبدأ الكون الشديد الظلمة ... بالتغير ... و الإستنارة ... و بدأت أجزاء الغاز و الغبار تتلامس و تتقلص تحت تأثير الجاذبية ... فتزيد الجاذبية و الحرارة ... مكونة كواكب و نجوم ... حيث تكوَّن الكوكب المائي منذ أكثر من ١٤ مليار سنة ... و استمر العرض ... إلى أن تكونت أقمار الكوكب العشرة ... و التي تنير سمائه طيلة الليالي ... بدأ العرض يتكون على مستوى أرضية القاعة ... ليريهم تكون الحضارة من بداية نشأة الكوكب ... حتى بداية التأريخ لديهم ... عرض خرافي ... إختصر أحداث ملايين السنين في ساعة واحدة فقط ..
١٦- البداية
بعد انتهاء العرض الخرافي ... و بعد أن عاش أعضاء الفريق لحظة بداية الكون ... و تكون الكواكب و النجوم ... ظهرت صورة الخنساء الهولوجراميه من جديد ... تتمنى أن يكونوا قد استمتعوا بالعرض ... و تكمل معهم جولتها ...
"و الآن سوف ننتقل إلى القاعة الثانيه ... لتختبروا بداية حضارتنا ... أرجوا منكم المكوث في مقاعدكم" ... و إذا بالدائرة الحمراء ترتفع عن الأرض ... و تطير منتقلةً بهم إلى القبة الثانية ... حيث عرض أول خمسمائة عام من حضارة الكوكب المائي ...وقفت الدائرة الحمراء بمحاذات جدار القبّة ... و طارت على علو خمسة أمتار من مستوى الأرضيه ... لايزال عليها أعضاء الفريق جلوساً في مقاعدهم ... انفتحت الدائرة بتتابع بين أجزائها ... لِتُكَوِّنَ خطّاً مقوَّساً موازياً لجدار القبة الدائري ... جاعلةً المقاعد بمواجهة جميع أجزاء القبة ... لكي يرون العرض الثاني من علٍ ... و يتفاعلون معه عن قرب ...
أظلمت القاعة ظلاماً دامِساً ... و إذا بكوكبٍ كبير ... ملأ القبة بكاملها ... يدور أمامهم ... وهم جلوسٌ على مقاعدهم ... يستطيعون تمييز تضاريسه ... جباله و وديانه ... صحاريه و أنهاره ... بره و بحره ... و يرون نباتاته و حيواناته و أناسه ... هناك مجموعات تعيش على صيد البر ... أخرى على صيد البحر ... و ثالثةً على رعي الماشية ... و رابعةً على الزراعة ...
أظلمت القاعة ظلاماً دامِساً ... و إذا بكوكبٍ كبير ... ملأ القبة بكاملها ... يدور أمامهم ... وهم جلوسٌ على مقاعدهم ... يستطيعون تمييز تضاريسه ... جباله و وديانه ... صحاريه و أنهاره ... بره و بحره ... و يرون نباتاته و حيواناته و أناسه ... هناك مجموعات تعيش على صيد البر ... أخرى على صيد البحر ... و ثالثةً على رعي الماشية ... و رابعةً على الزراعة ...
أمامهم و في أعلى القبة ... أرقام تتبدل معلنةً رقم السنة التي يختبرون حياتها ... بادئة من الصفر و هاهو الرقم يزيد بتسارع ... و فجأة ... بدأ قتال يشب بين الأجزاء الأربعة ... و يفرقها ... و يحصد الأخضر و اليابس ... حيث طمع الإنسان ... و حبه لأن يحوز على كل شيئ ... بدون أي اعتبار للآخر ... فتقسم سكان الكوكب إلى أربع أمم ... كل أمّةٍ ... ترغب في الإستيلاء على مصادر الغذاء و الماء ... و تركز جهودها على إضعاف الأمم الأخرى ... لكي تكون القوة الوحيدة ... و تحصل على ماتريد ... بدون منافسة من أحد ... و مالبثت الأمة القاطنة في الجبال ... إلا أن استعبدت الأقوام الأخرى لخدمتها ... و زراعة محاصيلها ... و تربية مصادر لحومها ... و صيد خيرات بحرها ... و القيام بجميع الأعمال لتنعم هي بالسكينة و الراحة ...
فكثر الظلم و الإستبداد ... و كثرت المعارك و محاولة الثورة على هذا الظلم ... و عاش الناس في روع و قلة من الأمن ... حتى أصبح هاجس الأمن هو المطلوب الأول لجميع أفراد الأمم الأخرى ... و بدأت السلطة في تتداول بين هذه الأمم ... بالقوة ... فكلما غلبت أمة ... حازت على السلطة و سخرت الأمم الأخرى لخدمتها ... و هكذا تنتقل السلطة من أمة إلى أمة ... و الخسران لهم جميعاً ... حيث لا تطور و لاتقدم ... و أفنوا الزرع و الضرع بكثرة الحروب و استمرارها ...
فجأة ... بدأ التركيز للصورة الهولوجراميه على المناطق الزراعية ... حيث يكون التقدم الحضاري آنذاك ... و كيف بدأت تتكون قرية صغيرة ... بجانب ذلك النهر الرقراق ... و إذا بنور من السماء يتركّز عليها ... نور من الله أرسله إلى هذه القرية ليهدي بها سائر أمم الكوكب ... رآه الجميع ... و علموا أنه من السماء ...
هذا النور ... تركز على بيت بعينه ... من بيوت هذه القرية الطيبة ... حيث امرأة على وشك و ضع حملها ... فولدت ولداً مباركاً ... بث الله فيه الرساله ... و جعله نبيا رسولا ... و بدأ الناس يروا فيه الحكمة من صغره ... حتى لقِّب بالحكيم ... فكان بداية لنهاية الصراعات و بداية الحضارة ...
قام الحكيم ببث روح الخير في الناس أجمعين ... يقرِّب وجهات النظر ... و يُعَلِّم الناس التأني في اتخاذ القرارات ... كانت الأخلاق بالنسبة له ... هي مبدأ أساسي في الحياة ... يجب على الجميع أن يتحلى بها ... و أن يعيش حياته باستقامة و مسؤولية ...
١٧- الحكيم
قام الحكيم ببث روح الخير في الناس أجمعين ... يقرِّب وجهات النظر ... و يُعَلِّم الناس التأني في اتخاذ القرارات ... كانت الأخلاق بالنسبة له ... هي مبدأ أساسي في الحياة ... يجب على الجميع أن يتحلى بها ... و أن يعيش حياته باستقامة و مسؤولية ...
فيكون موقناً بأنه يتحمل مسوؤلية فعله و قوله ... و مسؤولية مالم يقم بفعله و قوله ... فيجب عليه بأن يصدح بالحق دائماً ... إذا رأى عدوان على الحق ... و أن يساعد المحتاج ... إذا علم بحاجته ... فالمسؤولية ملازمة له في حياته ... و في جميع شؤونه ... صدح بدعوة الناس إلى عبادة الله الواحد ... و قرأ عليهم ماأنزله الله عليه ... قرآناً عربيّاً ... يتلى إلى يوم الدين ... علمهم أمور دينهم ... و سن فيهم قانوناً ربّاني ... هو لهم مرجع عند الخلاف ... يهديهم للتي هي أقوم ... فاحترم الناس القانون و النظام ... و احترم الجميع الجميع ... فالناس جميعاً على هذا الكوكب سواسيه ... لهم الجميع الإحترام و التقدير ... بدون النظر إلى انتمائاتهم و ألوانهم و أصولهم و فروعهم ... و غرس فيهم حب العمل ... و أنهم خلفاء الله في أرضه ... يقومون بعملهم بإتقان ... و بحب ... و يجتهدون بانجازه بدقة شديدة ... رغبة في الأجر من خالقهم ... و سعياً للتفوق ... و القيام بالمزيد المتقن ... و اختراع الجديد المفيد ... و طرح فيهم كذلك ... حب الإستثمار الدنيوي و الأخروي ... و الإدخار في دنياهم و لأخراهم ... و ذلك لكي تتوفر لهم الإستمرارية في العطاء الدائم ... و عدم نسيان آخرتهم ...
هذا ملخص لتعاليم الحكيم ... و التي كتبت بماء من ذهب ... و قرأها الجميع ... متقيدين بها ... من أجل خلق غداً أفضل ... و مجتمع أحسن ... فاجتمع الناس على الحكيم ... ليدير شؤون دنياهم ... و ينصحهم و يوجههم لحسن أخراهم ... فتعاضد الجميع ... و تكاتف الكل ... فالمزارع يجتهد بزراعة المفيد ... و تحسينه ... و غزارة إنتاجه ... بدون افساد بيئته ... و القضاء على خيراتها ... و الراعي يبذل الجهد برعاية حيواناته ... و تسمينها ... و تحسين انتاجها ... و المحافظة عليها ... و المحافظة على البيئة كذلك ... و هكذا ... الجميع ... كل في مجاله ... يبذل الجهد لإتقان عمله و تحسينه بدون افساد مواردها ... و بدون افساد طبيعتها ...
انتهت هذه الحقبة ... بأن أصبح الكوكب أمة واحدة ... متمسكة بتعليمات الحكيم ... و بكتاب الله ... و بدأ الفريق ينتقل من قبة إلى قبة ... لمتابعة تاريخ الكوكب ... و رؤيته رؤية العين ... مجسّداً أمامهم ... بإخراج ثوري و تفاصيل دقيقة ... فرأوا كيف بدأت الحقبة الجديدة بثورة ثقافية ... حيث يستقي الجميع العلوم في مدارس كثيرة ... و مجامع و مكتبات ملأت البلاد ... تلتها ... حقبة ثورة علمية ... حيث بدأ العلماء بدراسات علمية ... ساعدت على بناء اللبنة الأولية لحقبة الثورة الصناعية ... حتى انتهى الحال إلى الحقبة الحالية ... و تطور الحضارة لتصل للرحلة الإستفادة من الكون الذي يضمهم ... و خرج الفريق من هذه العروض مشدوهاً ... بالتغييرات التي حدثت و أحدثت هذا التاريخ المبهر ... و في رؤوسهم الكثير من التساؤلات ... و التي نصحهم عبدالله بأن يحتفظوا بها ... حتى يحين اجتماعهم بمجلس الحكماء ... و الذي سوف ينعقد غداً صباحاً ...
١٨- المسجد
الله أكبر الله أكبر ... صوت الأذان يصدح في أرجاء السكن ... موقظاً الفريق لأداء صلاة الفجر ... فقد كان أمسهم طويلاً ... مليئاً بأحداث تاريخ الكوكب المائي ... أنهوا و ضوءهم ... و خرجوا جميعاً لأداء صلاة الفجر في المسجد الزجاجي القريب ...
١٨- المسجد
الله أكبر الله أكبر ... صوت الأذان يصدح في أرجاء السكن ... موقظاً الفريق لأداء صلاة الفجر ... فقد كان أمسهم طويلاً ... مليئاً بأحداث تاريخ الكوكب المائي ... أنهوا و ضوءهم ... و خرجوا جميعاً لأداء صلاة الفجر في المسجد الزجاجي القريب ...
استقلوا المصعد السريع ... ليقلهم نزولاً إلى الطابق الأرضي ... انطلقوا إلى ساحة المسجد الكبيرة ... حيث الكثير من الناس ... رجالاً و نساءاً و أطفالاً ... قاصدين المسجد لأداء الصلاة ... الإنارة جميله و هادئه ... الأقمار العشرة تملأ المكان بضوء أزرق رقيق ... جو روحاني لطيف ... يقتربون من مبنى المسجد ... جدرانه الزجاجية ... تمتلأ بآيات قرآنية متحركه ... مكتوبة بخطوط عربية جميلة ... تتحرك و كأنها شريط يدور حول جدران المسجد الخارجية ... تتغير ألوانه بتداخل جميل ... مضيفة عمقاً إيمانياً فريداً ...
يمكن رؤية أفواج المصلين من خلال الجدران الزجاجية و قد ملؤوا المسجد ... سبحان الله كأنه لؤلؤةً زرقاء ... مملوءة بِعُبَّاٍد ... عليهم ملابس ذات ألوان مختلفة جميلة ... لوحة فنية تنعكس من داخل المسجد ... رسالة حية ... تجسد قوله صلى الله عليه و سلّم “اللهم بارِك لأمتي في بكورها” ...
يقتربون من المسجد ... لاتوجد بوابة ... هناك فتحة كبيرة في الحائط الزجاجي ... هواء منعش ذو رائحة طيبة يخرج منها ... فتحة المدخل الكبير تربط خارج المسجد بداخله بتناغم ... أثناء دخولك للمسجد ... تقوم أرضية المدخل ... بتنظيف حذاءك بطريقة سريعة جدّاً ... و بدون أن تشعر بذلك ... بواسطة أشعة غير مرئية و غير ضارة ... لكي يدخل الجميع بدون الحاجة إلى خلع أحذيتهم ... هناك قسم للنساء ذو إنارة زهرية خافتة ... و آخر للرجال ذو إنارة زرقاء جميلة...
داخل المسجد عالم آخر ... جو عليل ... رائحةٌ طيبة ... إنارة هادئة جميلة ... مساحة كبيرة خالية من الأعمدة ... فقط جدران و أسقف زجاجية ... و في منتصف المسجد محراب زجاجي كذلك ... أرضية المسجد مفروشة بسجاد ذو نقوش صغيرة جميلة ... تختلف درجة ألوانها باختلاف زاوية الرؤية ... نظافة شديدة ...
هدوء شديد في المسجد ... فإما قائماً للواحد القهّار ... و إمّا قارئاً لكتابه ... و إما ذاكراً مسبحاً له سبحانه و تعالى ... الكل منشغل بالرحمن الرحيم ... تُقام الصلاة بصوت شجي ... ذو بعد روحي إيماني ... و يُكَبِّرُ الإمام بصوت جميل ... ينبعث من جميع الإتجاهات ... عبر الجدران و السقف و الأرضية ... مضيفاً بعداً آخر لخشوع المصلين ...
بعد الإنتهاء من الصلاة ... التفت عبدالله بن الحسن إلى أحمد بن ماجد ... و أخبره بأن مجلس الحكماء في انتظارهم ... بعد تناول الإفطار معه في منزله ... ماذا سوف يحدث في مجلس الحكماء ... و ما هي خطة زيارتهم لباقي مناطق الكوكب ... و متى يحين رجوعهم ... هذا ماسوف نعرفه في الجزء القادم ...
١٩- المناقشة
غادر الفريق جو المسجد الجميل ... بمصاحبة العالم الأكبر عبدالله بن الحسن إلى منزله ... لتناول طعام الإفطار ... و من ثم مرافقته إلى مجلس حكماء الكوكب المائي ...
جميع أعضاء الفريق في تشوق لهذا اللقاء ... سيف السيف ... السر عثمان أحمد ... فاضل الحلبي ... ندى إبراهيم ... و أحمد بن ماجد ... حيث لدى كل منهم أسئلةً يبحثون عن الإجابة عليها ... في غرفة الطعام ... الجميع جالس على كرسيه ... و عبدالله بن الحسن يصف أطباق الطعام على المائدة بنفسه ... و بدون المساعدة من أحد ... "أرجوا أن تعذروني ... حيث يتوجب علي الذهاب إلى مجلس الحكماء ... لوجود حالة طارئة تستوجب حضوري ... أرجو منكم أخذ راحتكم و كأنكم في بيتكم ... سوف أرسل لكم من يقلكم إلى مجلس الحكماء بعد ساعة من الآن ... أرجوا لكم إفطاراً شهيّاً" ... قالها عبدالله بن الحسن قبل خروجه السريع ... شاكرين إيّاه ... بدأ الفريق في تناول طعام الإفطار ... و مناقشة استراتيجية تصرّفهم في الإجتماع القادم ...
"ماهي انطباعاتكم عن الكوكب المائي حتى الآن ... و ماهي اقتراحاتكم بخصوص الخطوة التالية ... هل نحتاج إلى المزيد من الوقت للتعرف على هذا الكوكب ... أم يكفي مارأيناه ... ماهي المساعدة التي من الممكن أن نطلبها منهم؟ ... أرجو أن يعطيني كلٌّ منكم مرئياته و اقتراحاته و توصياته" ... قالها حكيم الحكماء سيف السيف موجهاً حديثه إلى أعضاء فريقه ... ثم نظر إلى أحمد بن ماجد ... "مارأيك يا ابن ماجد" ...
"ماأراه يا حكيم الحكماء ... أننا لم نتعرف بعد على الكوكب المائي ... معرفةً تؤهلنا لنعرف ماذا نطلب منهم ... حيث أن لديهم الكثير من التكنولوجيا المتطورة ... التي لانعلم ماهيتها بعد ... و لدى سكان هذا الكوكب ... الكثير من المعلومات و الأخلاقيات و طرق التفكير التي لم نتعرف عليها... نظامهم الإقتصادي و التعليمي و الصحي و البيئي و البحثي و التكنولوجي و العلمي و أشياء كثيرة ... لانزال نجهلها ... و لا أعتقد آننا سوف نستطيع في فترة وجيزة الإلمام بجميع هذه النواحي ... لذى فإني أقترح أن يبقى من الفريق شخص أو إثنان ليعيش بينهم و يعمل معهم لمدة لاتقل عن السنة الواحدة ... لكي يستطيع أن يتعايش معهم ... و يعرف أنظمتهم ... و من ثم يرجع إلى الأرض باقتراحاته حول التعاون بين أمم الأرض و أمة الكوكب المائي" ... أنهى أحمد كلامه ناظراً إلى الجميع ...
"أوافق على ماقاله أخي أحمد ... و أقترح أن نرشح السر عثمان أحمد و الدكتورة ندى لهذه المهمة ... فإن قدرة السر عثمان على فهم التكنولوجيا و الدكتورة ندى على فهم النفسيات ... سوف تساعدنا على فهم كل مايخص الكوكب المائي ... و بحكم أعمارهم الصغيرة ... فإنهم أقرب للإندماج في النظام الجديد لهذا الكوكب عن غيرهم" ... " مارأيكم أيها الشباب" ... قالها سيف السيف موجهاً سؤاله إلى السر عثمان و الدكتورة ندى ... حيث أبدوا الموافقة ... شرط أن يرجعوا إلى الأرض لتوديع أهلهم ثم الرجوع مرةً أخرى إلى الكوكب المائي ... للسكن و العمل فيه و الإستزادة من المعرفة و العلم الذي يتميز به ... أنهى الجميع إفطارهم ... و استعدوا للمغادرة إلى مجلس الحكماء ...
٢٠- الإتفاق
قرَّر الفريق أنّهم غير مؤهلين لمعرفة إحتياجاتهم من الكوكب المائي ... لقلة علمهم ... و حاجتهم للإستزادة بمعلومات أكثر عنه ... لذا ... قرر الفريق الطلب من مجلس الحكماء السماح لهم بالمغادرة ... على أن يرجع عضوي الفريق السر عثمان أحمد و ندى إبراهيم للعيش بين ظهرانيهم سنة واحدة ... بعدها سوف يقرِّر الفريق ماهيّة المساعدة المطلوبة ...
بعد ساعة من مغادرة العالم الأكبر عبدالله بن الحسن ... حضرت المركبة التي سوف تُقِلُّهُم إلى مجلس الحكماء ... يركب أعضاء الفريق الخمسة ... و تنطلق المركبة بهم إلى مجلس الحكماء ... الموجود في أعلى الجبل ناحية مغرب الشمس ... معلومات كثيرة تعرض على الشاشات أمامهم ... تعريفٌ بأعضاء المجلس ... و طريقة عمله ... و إتكيت الزيارات ... و خريطة توضح مسارهم في المجلس ... و ملخَّص لجدول العمل لهذا اليوم ... تطلب المركبة بصوت نسائي جميل من كلٍّ منهم أن يأخذ كتيب برنامج الزيارة ... الموجود على الطاولة في مركز المركبة ... و يبدأوا بقراءته لحين الوصول إلى الجهة المقصودة ...
لدى وصولهم ... كان جميع أعضاء مجلس الحكماء في استقبالهم ... يتقدمهم العالم الأكبر عبدالله بن الحسن ... صافحهم الجميع واحداً واحداً ... ثم انتقلوا إلى قاعة المجلس حيث خُصِّصَت لهم مقاعد حمراء في صدر المجلس ... و أعضاء المجلس يحيطون بهم مشكلين دائرةً كاملة ... يرحب العالم الأكبر بالضيوف متمنياً أن يكونوا قد استمتعوا بزيارتهم و استفادوا منها ... " أعلم أن الأيّام الثلاثة لم تكفيكم لفهم حضارتنا ... و نحن جميعاً متأكدين لحاجتكم إلى وقت أطول للإطِّلاع على ما وصلت إليه الحضارة لدينا ... و من ثم سوف تكون لديكم المعرفة الكاملة لاحتياجاتكم ... و في نفس الوقت ... نحن نرغب أن نعرف عن حضارتكم معلومات أكثر ... لنستطيع مساعدتكم في رفع مستوى الحضارة لديكم ... و نقترح إرسال مندوب من لدنّا يمكث في عالمكم سنةً كاملة ... ليقترح عليكم حلولاً لمشاكلكم" ...
"شكراً سيدي العالم الأكبر" ... قالها سيف السيف مسترسلاً ... "تحيةً لمجلسكم الكريم ... شاكرين لكم على حسن الضيافة و الإستقبال ... ماتوصلت إليه هو مشابه لما توصّلنا إليه ... سيدي ... نطلب منكم السماح لنا بمغادرة كوكبكم اليوم ... على أن يعود عضوين من فريقنا بعد أسبوع من الآن ... للمكوث لديكم لمدة سنةٍ كاملة ... يستطيعون فيها استيعاب حضارتكم ... و فهم طريقة إدارتكم لها ... لكي يتسنّى لنا العمل معكم على إيجاد الحلول الناجِعة لمشاكل كوكبنا الكثيرة ... و قبل ذهابنا سوف نوافيكم بموافقة أمم الأرض على ضيافة مندوبكم لسنةٍ كاملة ... بعد الرجوع إليهم و استشارتهم" ...
هذا ماتم و هذا ماحدث ... كل حضارةٍ ترغب في فهم الأخرى ... ليتسنّى لها طلب و مد العون المطلوب ... بعد الإجتماع و إبلاغ العالم الأكبر بموافقة أمم الأرض على استضافة مندوب الكوكب المائي ... سفيراً فوق العادة لهم على كوكب الأرض ... و الحصول على موافقة مجلس الحكماء على استضافة السر عثمان أحمد و ندى ابراهيم ... غادر أعضاء الفريق الكوكب كما أتوه ... و معهم سعادة السفير ... سفير الكوكب المائي ... أمم الأرض جميعاً في شوقٍ لمقابلة السفير المُختار ... و على استعداد لوضعه في مصاف رؤساء أمم الأرض ... ليمثل أمة الكوكب المائي ... لتكون الأمّة السادسة على سطح هذا الكوكب الصغير ...
٢١- اللائحة
في الحال إجتمع جميع رؤساء أمم الأرض الخمسة في جدة … في مركز
البيئة ، التعليم ، الصحة ، الغذاء ، المياه ، التصحر ، الإسكان ، الطاقة ، الصناعة ، الإتصالات ، الإقتصاد ، الإدارة ...
مارأيكم في هذا الإقتراح … الرجاء التصويت … حسناً … الكل موافقون … ليكن ذلك … على بركة الله“ … و هكذا ... تم الإتفاق بين جميع أمم الأرض على اللائحة … و ترتيبها … و لم يتبق إلاّ مناقشتها مع سعادة السفير … غداً صباحاً … بعد صلاة الفجر …
٢٢- الخطاب
بعد صلاة الفجر … حضر الجميع إلى قاعة الموتمرات … جميع علماء أمم الأرض … رجال الصناعة و الأعمال … وزرائهم و رؤسائهم … كانوا هناك … من لم يستطيع الحضور بشخصه … تواجد في مراكز عدة في كل بلد … تنقل مايحدث آنيّاً … عبر شاشات كبيرة … فلا يوجد وقت ليضيعوه … يريدون استغلال كل دقيقة من هذه السنة … في إيجاد حلول لمشاكل هذا الكوكب الصغير … الكلُّ متحمس و مترقب … و الكل يحلم بغدٍ أجمل … و بعلمٍ بلا حدود …
يدخل دانيال القاعة … رجل يزهو طوله على المترين … شديد البياض … يشوب بياضه حُمرة … مرتدياً رداءاً أخضر طويل … له لحيةٌ بيضاء طويله … و شعرٌ أبيض يغطى رقبته … ما أن دخل حتى صمت الجميع … متأمِّلاً في هيبة هذا الرجل … الذي أتى من أقصى أقاصي الكون … ليكون لهم عوناً …يأخذ بيدهم إلى حيث الحضارة الحقّة … حيث كوكب بلا مشاكل … و شعبٌ منتجٌ سعيد … يقف أمام منصة الموتمر الرئيسة … يلتفت بكامل جسمه ناحية الحضور … و يقول بوقار و احترام ”السلام عليكم و رحمة الله و بركاته“ … يرد عليه الجميع بتحيّة الإسلام … ”وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته“ … بصمت … يدير دانيال نظره إلى جميع من في القاعة … و يواصل … ”قدمت إليكم من أقصى الكون … و في يدي وردة حب … و على كتفي حمامة سلام … و رسالة مودّة من شعبي … شعب الكوكب المائي … ممثلا لهم … مادّاً يدي إليكم … لمساعدتكم في ما استصعب عليكم … و معي كل الدعم و الصلاحية من مجلس حكماء الكوكب المائي للقيام بما يجب … لتسهيل الحياة على هذا الكوكب الأزرق … أرغب في معرفة المزيد عن طرق حياتكم … و كيفية إدارتكم لها … لكي يتسنى لي عمل اللازم حيالها … و في هذا المكان أسألكم … ماذا تريدون؟ … و ما هي مشاكلكم؟ … و كيف يمكنني مساعدتكم؟“ …
حكيم الحكماء … سيف السيف … الذي يدير هذه الجلسة … يشكر دانيال و شعبه على مبادرتهم … و يسلمه اللائحة … و يقول … ” توجد لدينا مشاكل كثيرة … في جميع نواحي الحياة … و اللائحة التي سلمتكم إيّاها … تحوي إثني عشر موضوع عام … في كل موضوع مشاكل عدّة … نرغب من سعادتكم مساعدتنا في حلّها … و لقد اتفقنا أن نركز على كل موضوع لشهر كامل … ثم ننتقل إلى الموضوع الذي يليه … فإننا نرغب في استغلال وجودك معنا … و الإستفادة القصوى من ذلك“ …
يصمت الجميع … و دانيال ينظر إلى اللائحة و يبتسم …”ليكن هذا … غداً أول يوم في سنتكم … و يبدأ أول شهر بها … لنبدأ من الغد بالتركيز على أول موضوع … ألا و هو التعليم … أرجو أن تأخذوني في جولة لجميع مؤسساتكم التعليمية … أقابل المدراء و الأساتذة و الطلاب و الباحثين … نساءاً و رجالاً … ليتسنى لي تقييم وضعكم التعليمي … و مشاركة ذلك مع خبرائنا في الكوكب المائي … أوّلاً بأوّل … و من ثم مناقشة الحلول في آخر خمسة أيّام من الشهر“ …
غداً يبدأ دانيال العمل على تصحيح المسار … لنرى ماهو فاعل؟ … و ما الحلول التي سوف يقترحها عليهم؟ …
يقتربون من المسجد ... لاتوجد بوابة ... هناك فتحة كبيرة في الحائط الزجاجي ... هواء منعش ذو رائحة طيبة يخرج منها ... فتحة المدخل الكبير تربط خارج المسجد بداخله بتناغم ... أثناء دخولك للمسجد ... تقوم أرضية المدخل ... بتنظيف حذاءك بطريقة سريعة جدّاً ... و بدون أن تشعر بذلك ... بواسطة أشعة غير مرئية و غير ضارة ... لكي يدخل الجميع بدون الحاجة إلى خلع أحذيتهم ... هناك قسم للنساء ذو إنارة زهرية خافتة ... و آخر للرجال ذو إنارة زرقاء جميلة...
داخل المسجد عالم آخر ... جو عليل ... رائحةٌ طيبة ... إنارة هادئة جميلة ... مساحة كبيرة خالية من الأعمدة ... فقط جدران و أسقف زجاجية ... و في منتصف المسجد محراب زجاجي كذلك ... أرضية المسجد مفروشة بسجاد ذو نقوش صغيرة جميلة ... تختلف درجة ألوانها باختلاف زاوية الرؤية ... نظافة شديدة ...
١٩- المناقشة
جميع أعضاء الفريق في تشوق لهذا اللقاء ... سيف السيف ... السر عثمان أحمد ... فاضل الحلبي ... ندى إبراهيم ... و أحمد بن ماجد ... حيث لدى كل منهم أسئلةً يبحثون عن الإجابة عليها ... في غرفة الطعام ... الجميع جالس على كرسيه ... و عبدالله بن الحسن يصف أطباق الطعام على المائدة بنفسه ... و بدون المساعدة من أحد ... "أرجوا أن تعذروني ... حيث يتوجب علي الذهاب إلى مجلس الحكماء ... لوجود حالة طارئة تستوجب حضوري ... أرجو منكم أخذ راحتكم و كأنكم في بيتكم ... سوف أرسل لكم من يقلكم إلى مجلس الحكماء بعد ساعة من الآن ... أرجوا لكم إفطاراً شهيّاً" ... قالها عبدالله بن الحسن قبل خروجه السريع ... شاكرين إيّاه ... بدأ الفريق في تناول طعام الإفطار ... و مناقشة استراتيجية تصرّفهم في الإجتماع القادم ...
"ماهي انطباعاتكم عن الكوكب المائي حتى الآن ... و ماهي اقتراحاتكم بخصوص الخطوة التالية ... هل نحتاج إلى المزيد من الوقت للتعرف على هذا الكوكب ... أم يكفي مارأيناه ... ماهي المساعدة التي من الممكن أن نطلبها منهم؟ ... أرجو أن يعطيني كلٌّ منكم مرئياته و اقتراحاته و توصياته" ... قالها حكيم الحكماء سيف السيف موجهاً حديثه إلى أعضاء فريقه ... ثم نظر إلى أحمد بن ماجد ... "مارأيك يا ابن ماجد" ...
"ماأراه يا حكيم الحكماء ... أننا لم نتعرف بعد على الكوكب المائي ... معرفةً تؤهلنا لنعرف ماذا نطلب منهم ... حيث أن لديهم الكثير من التكنولوجيا المتطورة ... التي لانعلم ماهيتها بعد ... و لدى سكان هذا الكوكب ... الكثير من المعلومات و الأخلاقيات و طرق التفكير التي لم نتعرف عليها... نظامهم الإقتصادي و التعليمي و الصحي و البيئي و البحثي و التكنولوجي و العلمي و أشياء كثيرة ... لانزال نجهلها ... و لا أعتقد آننا سوف نستطيع في فترة وجيزة الإلمام بجميع هذه النواحي ... لذى فإني أقترح أن يبقى من الفريق شخص أو إثنان ليعيش بينهم و يعمل معهم لمدة لاتقل عن السنة الواحدة ... لكي يستطيع أن يتعايش معهم ... و يعرف أنظمتهم ... و من ثم يرجع إلى الأرض باقتراحاته حول التعاون بين أمم الأرض و أمة الكوكب المائي" ... أنهى أحمد كلامه ناظراً إلى الجميع ...
"أوافق على ماقاله أخي أحمد ... و أقترح أن نرشح السر عثمان أحمد و الدكتورة ندى لهذه المهمة ... فإن قدرة السر عثمان على فهم التكنولوجيا و الدكتورة ندى على فهم النفسيات ... سوف تساعدنا على فهم كل مايخص الكوكب المائي ... و بحكم أعمارهم الصغيرة ... فإنهم أقرب للإندماج في النظام الجديد لهذا الكوكب عن غيرهم" ... " مارأيكم أيها الشباب" ... قالها سيف السيف موجهاً سؤاله إلى السر عثمان و الدكتورة ندى ... حيث أبدوا الموافقة ... شرط أن يرجعوا إلى الأرض لتوديع أهلهم ثم الرجوع مرةً أخرى إلى الكوكب المائي ... للسكن و العمل فيه و الإستزادة من المعرفة و العلم الذي يتميز به ... أنهى الجميع إفطارهم ... و استعدوا للمغادرة إلى مجلس الحكماء ...
٢٠- الإتفاق
قرَّر الفريق أنّهم غير مؤهلين لمعرفة إحتياجاتهم من الكوكب المائي ... لقلة علمهم ... و حاجتهم للإستزادة بمعلومات أكثر عنه ... لذا ... قرر الفريق الطلب من مجلس الحكماء السماح لهم بالمغادرة ... على أن يرجع عضوي الفريق السر عثمان أحمد و ندى إبراهيم للعيش بين ظهرانيهم سنة واحدة ... بعدها سوف يقرِّر الفريق ماهيّة المساعدة المطلوبة ...
بعد ساعة من مغادرة العالم الأكبر عبدالله بن الحسن ... حضرت المركبة التي سوف تُقِلُّهُم إلى مجلس الحكماء ... يركب أعضاء الفريق الخمسة ... و تنطلق المركبة بهم إلى مجلس الحكماء ... الموجود في أعلى الجبل ناحية مغرب الشمس ... معلومات كثيرة تعرض على الشاشات أمامهم ... تعريفٌ بأعضاء المجلس ... و طريقة عمله ... و إتكيت الزيارات ... و خريطة توضح مسارهم في المجلس ... و ملخَّص لجدول العمل لهذا اليوم ... تطلب المركبة بصوت نسائي جميل من كلٍّ منهم أن يأخذ كتيب برنامج الزيارة ... الموجود على الطاولة في مركز المركبة ... و يبدأوا بقراءته لحين الوصول إلى الجهة المقصودة ...
لدى وصولهم ... كان جميع أعضاء مجلس الحكماء في استقبالهم ... يتقدمهم العالم الأكبر عبدالله بن الحسن ... صافحهم الجميع واحداً واحداً ... ثم انتقلوا إلى قاعة المجلس حيث خُصِّصَت لهم مقاعد حمراء في صدر المجلس ... و أعضاء المجلس يحيطون بهم مشكلين دائرةً كاملة ... يرحب العالم الأكبر بالضيوف متمنياً أن يكونوا قد استمتعوا بزيارتهم و استفادوا منها ... " أعلم أن الأيّام الثلاثة لم تكفيكم لفهم حضارتنا ... و نحن جميعاً متأكدين لحاجتكم إلى وقت أطول للإطِّلاع على ما وصلت إليه الحضارة لدينا ... و من ثم سوف تكون لديكم المعرفة الكاملة لاحتياجاتكم ... و في نفس الوقت ... نحن نرغب أن نعرف عن حضارتكم معلومات أكثر ... لنستطيع مساعدتكم في رفع مستوى الحضارة لديكم ... و نقترح إرسال مندوب من لدنّا يمكث في عالمكم سنةً كاملة ... ليقترح عليكم حلولاً لمشاكلكم" ...
"شكراً سيدي العالم الأكبر" ... قالها سيف السيف مسترسلاً ... "تحيةً لمجلسكم الكريم ... شاكرين لكم على حسن الضيافة و الإستقبال ... ماتوصلت إليه هو مشابه لما توصّلنا إليه ... سيدي ... نطلب منكم السماح لنا بمغادرة كوكبكم اليوم ... على أن يعود عضوين من فريقنا بعد أسبوع من الآن ... للمكوث لديكم لمدة سنةٍ كاملة ... يستطيعون فيها استيعاب حضارتكم ... و فهم طريقة إدارتكم لها ... لكي يتسنّى لنا العمل معكم على إيجاد الحلول الناجِعة لمشاكل كوكبنا الكثيرة ... و قبل ذهابنا سوف نوافيكم بموافقة أمم الأرض على ضيافة مندوبكم لسنةٍ كاملة ... بعد الرجوع إليهم و استشارتهم" ...
هذا ماتم و هذا ماحدث ... كل حضارةٍ ترغب في فهم الأخرى ... ليتسنّى لها طلب و مد العون المطلوب ... بعد الإجتماع و إبلاغ العالم الأكبر بموافقة أمم الأرض على استضافة مندوب الكوكب المائي ... سفيراً فوق العادة لهم على كوكب الأرض ... و الحصول على موافقة مجلس الحكماء على استضافة السر عثمان أحمد و ندى ابراهيم ... غادر أعضاء الفريق الكوكب كما أتوه ... و معهم سعادة السفير ... سفير الكوكب المائي ... أمم الأرض جميعاً في شوقٍ لمقابلة السفير المُختار ... و على استعداد لوضعه في مصاف رؤساء أمم الأرض ... ليمثل أمة الكوكب المائي ... لتكون الأمّة السادسة على سطح هذا الكوكب الصغير ...
٢١- اللائحة
في الحال إجتمع جميع رؤساء أمم الأرض الخمسة في جدة … في مركز
الإتصال … مستعدِّين و متشوقين لاستقبال سفير الكوكب المائي … و الذي سوف يصل مع شروق هذا اليوم … بصحبة فريق ”الذهاب“ … يرحب بهم رئيس الإتحاد المكي … و يخبرهم بالإتفاق الذي تم مع مجلس حكماء الكوكب المائي … و يطلب منهم الإتفاق على لائحة تحوي المواضيع المهمة التي سوف يتم نقاشها مع السفير المرتقب … و أعضاء مجلس الإتصال بقيادة حكيم الحكماء سيف السيف … يودِّعهم و يغادر إلى مكة المكرمة … لاستقبال ضيفهم القادم من بعيد … و كله أمل بايجاد الحلول الناجعة لمشاكل هذا الكوكب الصغير …
فريق الذهاب و معهم سعادة السفير يقفون على منصة السفر إستعداداً لبدأ رحلتهم إلى كوكب الأرض … أو الكوكب الأزرق كما يطلق عليه سكان الكوكب المائي … و ماهي إلاّ لحظات … ليجدوا أنفسهم أمام الكعبة المشرّفة … ليسجدوا لله رب العالمين … شاكرين له على ماحباهم به من نعمة التعرف و السفر إلى الكوكب المائي … يستقبلهم رئيس الإتحاد المكي …
”السلام عليكم و رحمة الله و بركاته“ … قالها مرحباً و مهللاً بضيفهم الجديد … سفير الكوكب المائي … ”أهلاً و سهلاً … الحمد لله على سلامة وصولكم … أنا محمد بن عبدالرحمن ... رئيس الإتحاد المكي … مرحباً بكم في بلدكم الثاني“ … ”دانيال بن سالم … سفيراً من الكوكب المائي … لأمكث على كوكبكم الأزرق عاماً كاملاً … نوثق خلاله عرى الإتصال … و ننمي أواصر الصداقة و العلاقات المتبادلة بين شعبينا … شاكراً لكم هذه الفرصة الفريدة … و التي تفتح المجال في التعاون بين شعوب المجرات المختلفة“ …يمكثون في البيت الحرام … و يغادرون بعد صلاة الجمعة إلى جدّة … يرافقون سعادة السفير إلى سكنه الجديد بجوار مركز الإتصال … ليرتاح … على أن يجتمعوا معه في مركز الإتصال بعد صلاة الفجر …
في مركز الإتصال … أنهى رؤساء أمم الأرض لائحة المواضيع المهمة … و التي سوف تكون أساساً لمناقشاتهم مع سعادة السفير و فريق الذهاب … لائحة عامة تنم عن شغف أمم الأرض في معرفة خبرات الكوكب المائي في شتى ميادين المعرفة … و الحلول التي اعتمد عليها علمائهم … في التخلص من معيقات التنمية في كل هذه الميادين … حكيم الحكماء يقف في صدر قاعة المؤتمرات الخاصة بمركز الإتصال … و في يده اللائحة المقترحة … ”السلام عليكم و رحمة الله و بركاته “ … قالها حكيم الحكماء … مواجهاً جميع الحضور … و في مقدمتهم جميع رؤساء أمم الأرض الخمسة … ”شكراً على اقتراحكم لهذه المواضيع المهمة … ولكن … ألا تلاحظون أنها مواضيع عامة واسعة … سوف يكون من الصعب مناقشتها جميعاً … لذا أقترح أن نناقشها واحداً واحداً … حيث نركز على موضوع واحد كل شهر … ليكون آخر المواضيع في الشهر الثاني عشر … قبل رجوع سعادة السفير إلى قومه بشهر واحد … و لتكون هذه المواضيع كذلك … أساساً لمهمة فريق الذهاب المصغر … و الذي سوف يغادر إلى الكوكب المائي بعد أسبوع واحد … و لتكن على الترتيب التالي:
مارأيكم في هذا الإقتراح … الرجاء التصويت … حسناً … الكل موافقون … ليكن ذلك … على بركة الله“ … و هكذا ... تم الإتفاق بين جميع أمم الأرض على اللائحة … و ترتيبها … و لم يتبق إلاّ مناقشتها مع سعادة السفير … غداً صباحاً … بعد صلاة الفجر …
٢٢- الخطاب
بعد صلاة الفجر … حضر الجميع إلى قاعة الموتمرات … جميع علماء أمم الأرض … رجال الصناعة و الأعمال … وزرائهم و رؤسائهم … كانوا هناك … من لم يستطيع الحضور بشخصه … تواجد في مراكز عدة في كل بلد … تنقل مايحدث آنيّاً … عبر شاشات كبيرة … فلا يوجد وقت ليضيعوه … يريدون استغلال كل دقيقة من هذه السنة … في إيجاد حلول لمشاكل هذا الكوكب الصغير … الكلُّ متحمس و مترقب … و الكل يحلم بغدٍ أجمل … و بعلمٍ بلا حدود …
يدخل دانيال القاعة … رجل يزهو طوله على المترين … شديد البياض … يشوب بياضه حُمرة … مرتدياً رداءاً أخضر طويل … له لحيةٌ بيضاء طويله … و شعرٌ أبيض يغطى رقبته … ما أن دخل حتى صمت الجميع … متأمِّلاً في هيبة هذا الرجل … الذي أتى من أقصى أقاصي الكون … ليكون لهم عوناً …يأخذ بيدهم إلى حيث الحضارة الحقّة … حيث كوكب بلا مشاكل … و شعبٌ منتجٌ سعيد … يقف أمام منصة الموتمر الرئيسة … يلتفت بكامل جسمه ناحية الحضور … و يقول بوقار و احترام ”السلام عليكم و رحمة الله و بركاته“ … يرد عليه الجميع بتحيّة الإسلام … ”وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته“ … بصمت … يدير دانيال نظره إلى جميع من في القاعة … و يواصل … ”قدمت إليكم من أقصى الكون … و في يدي وردة حب … و على كتفي حمامة سلام … و رسالة مودّة من شعبي … شعب الكوكب المائي … ممثلا لهم … مادّاً يدي إليكم … لمساعدتكم في ما استصعب عليكم … و معي كل الدعم و الصلاحية من مجلس حكماء الكوكب المائي للقيام بما يجب … لتسهيل الحياة على هذا الكوكب الأزرق … أرغب في معرفة المزيد عن طرق حياتكم … و كيفية إدارتكم لها … لكي يتسنى لي عمل اللازم حيالها … و في هذا المكان أسألكم … ماذا تريدون؟ … و ما هي مشاكلكم؟ … و كيف يمكنني مساعدتكم؟“ …
حكيم الحكماء … سيف السيف … الذي يدير هذه الجلسة … يشكر دانيال و شعبه على مبادرتهم … و يسلمه اللائحة … و يقول … ” توجد لدينا مشاكل كثيرة … في جميع نواحي الحياة … و اللائحة التي سلمتكم إيّاها … تحوي إثني عشر موضوع عام … في كل موضوع مشاكل عدّة … نرغب من سعادتكم مساعدتنا في حلّها … و لقد اتفقنا أن نركز على كل موضوع لشهر كامل … ثم ننتقل إلى الموضوع الذي يليه … فإننا نرغب في استغلال وجودك معنا … و الإستفادة القصوى من ذلك“ …
يصمت الجميع … و دانيال ينظر إلى اللائحة و يبتسم …”ليكن هذا … غداً أول يوم في سنتكم … و يبدأ أول شهر بها … لنبدأ من الغد بالتركيز على أول موضوع … ألا و هو التعليم … أرجو أن تأخذوني في جولة لجميع مؤسساتكم التعليمية … أقابل المدراء و الأساتذة و الطلاب و الباحثين … نساءاً و رجالاً … ليتسنى لي تقييم وضعكم التعليمي … و مشاركة ذلك مع خبرائنا في الكوكب المائي … أوّلاً بأوّل … و من ثم مناقشة الحلول في آخر خمسة أيّام من الشهر“ …
غداً يبدأ دانيال العمل على تصحيح المسار … لنرى ماهو فاعل؟ … و ما الحلول التي سوف يقترحها عليهم؟ …
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق