سعيد ... يسكن في الشارع الواقع خلف بيتنا ... بارعٌ في الصيد ... و استخدام الفخ ... يختار الطُّعْمَ بعنايه ... يعرف هدفه تماماً ... و يعرف كيف يجره الى حيث يريد ... سوف أرافقه في رحلته اليوم ... لأرى ماهو فاعل ... بدأ سعيد في البحث عن طُعْمٍ ... من نوعٍ خاص ... طُعْمٍ كبير الحجم ... يُرى من بعيد ... كثير الحركه ... يجذب انتباه كل ماارتفع عن الأرض ... فجأه يقف ... يفحص الأرض بعين خبير ... هناك ارتفاعٌ على سطح القشره الملحيه من الأرض ... مكوناً خطّآً متعرجاً ... يدل على وجود حركة أسفله ... يضع اصبعه في أول هذا الخط ... و يجره كاشفاً باطن هذه القشرة الملحيه ... مستمراً كأنه يخط خطاً عميقاً ... فجأه ينبش أعمق قليلاً ... و بحركةٍ سريعه ... يخرج اصبعه ... قاذفاً شيئاً لمسافةٍ غير بعيده ... بسرعه يمسك به ... و يريني إياه عن قرب ... شيئ مقزِّز ... مخيف ... بطول الإصبع ... له أرجل كثيره و طويله ... يشبه الربيانه ... و له كمّاشتان غليظتان على جانبي رأسه ... يخبرني سعيد بأن هذه الحشره ... هي أفضل طُعْم يستطيع الصياد استخدامه ... فهي تجذب العصافير ... صغيرها و كبيرها ... و يطلق عليها مسمى غريب كشكلها ... "العِنْيوش" ...
يربطه في الفخ ... يضع الفخ أسفل شجرةٍ صغيره ... و يضع عليه القليل من التراب ليخفيه ... و يترك العنيوش واضحاً للعيان ... تراه يتحرك بقوة من بعيد ... يخبرني ... أن الخطوه القادمه ... هي محاولة قيادة العصافير ... لتقف على الأشجار ... القريبة من الفخ ... فنبتعد عن الفخ ... و نذهب للأشجار البعيده بهدوء ... محاولين إخافة العصافير هناك ... علَّها تغير مواقعها ... لتقترب من الفخ ... ثم نجلس غير بعيد ... نترقب ... هناك "صْعَوَهْ" تقترب من "العنيوش" ... بحذر ... تزداد قرباً ... تدور حوله ... فتنقض عليه ... يغلق الفخ على رجلها الضعيفه ... فتصدر صرخاً مزعجاً مرفرفةً بجناحيها ... تطلب الفكاك ... و أنَّا لها الفكاك من قبضة سعيد ... يركض سعيد مسرعاً للمَساك بها خِشية أن تُفْلِت ... وأنا قابع في موقعي ... لاأبرحه ... مفكراً في قدرة الإنسان ... على تغيير الواقع ... لمصلحته ... بدون الإكتراث ... بتأثيره على الغير ... حتى و إن كان الغير ... حيواناً أو طائراً مسكيناً ... أعود إلى البيت بعد هذه المغامره ... و لايزال في رأسي ... صراخ ال"صعوه" المسكينه ... لأني ... صغيراً كنت ... و لازلت ... أحب الجميع ... و أكره العنف ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق