السبت، 2 يونيو 2012

الطعوس

راكباً فرسي الأسود ... أجري به بين طرقات حارتنا الرمليه ... أقطع الطريق المؤدي الى العزيزيه ... و أذهب الى البحر ... أجري به على الشاطئ ... هناك من يستغيث بي ... ينادي إسمي ... ألتفت ... لاأرى أحداً ... الصوت يزداد حدةً ... كأنه صوت أمي ...

نعم هي أمي ... "قم يابني ... يجب أن نغادر قبل حرارة الشمس" ... أقوم من النوم على صوت أمي الحبيبه ... ياله من حلمٍ جميل ... لكم وددت الحصول على فرس ... كفرس بيلي الصغير الذي شاهدت آخر حلقةٍ له في الليلة الماضيه ... في بيت جارتنا أم علي ... نستيقظ قبل بزوغ الشمس ... نغتسل ... نتوضاء ... نصلي ... نتناول فطورنا ... نأخذ معنا قربة مصنوعة من القماش القوي مملوءةٌ ماءً ... بها فتحات لاتُرى ... تسمح للماء بالتبخر ليتخلص من بعض الحراره ... حتى يبرد ... ... نغادر البيت ... أمي ... أنا ... أخي الصغير ... و أخواتي الثلاث ... متجهين غرباً عبر الكثبان الرمليه الكبيره و التي نطلق عليها مسمى "طعوس ... جمع طعس" و التي تفصل بيننا و بين بيت جدي ...

مُتعِب المشي فوق الرمال ... أخلع نعلي ليكون المشي أسهل ... و لكن ... لازال المشي مُتعِباً ... ... أسبق أمي تارة ... و أتأخر عنها تارةً ... أنزل من الجانب الحاد الميلان و الذي تدعوه أمي "امحوي" متدحرجاً ... ثم أعاود الصعود لأعلى "الطعس" بصعوبه ... أحب المشي على "الطعوس" في الصباح الباكر ... فهي علمٌ بحاله ... فيها الكثير من الحيوانات و الحشرات والنباتات الصحراويه ... وكذلك أنواعٌ كثيره من الأصداف ... نعم الأصداف ... حيث أن مستوى البحر في عقودٍ سابقه كان يغطي كل منطقة الصبيخه حتى حدود الثقبه الشرقيه...

أركض لاحقاً ب "طحيحي" سريع ... عندما اقتربت منه ... وقف ... إنبطح ... و أخذ يهز جسمه بقوه ... حتى اندفن كاملاً في الرمال ... مددت يدي ... أدخلتها في الرمال ... و أمسكته من رقبته ... وركضت مسرعاً لأريه لأخي و أخواتي ... أمي جالسة عند شجيرة العندب ... أسحب أحد سيقان شجيرة العندب بقوه حتى يخرج من الرمال ... أنظف جذرها الناصع البياض ... و ... أضعه في فمي و أقرضه ... طعمه فيه حلاوةً غريبه ... أخواتي يجمعن بعض الأصداف ... ذات الاشكال الجميله و الألوان الأجمل ... نقطع عدة تلالٍ رمليه حتى يبين لنا بيت جدي من بعيد ... و هو واقف أمام البيت يترقبنا ... و كأنه استشعر قدومنا ... نركض نتسابق أيهم يقبل رأسه أولاً ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قبل أن أكون

 قبل أن أكون يا ترى .. أين كنت قبل أن أكون؟ أكنت في عالم الذر بداية إلى أن كتب الله لأبي وأمي أن يلتقيا لأكون؟ نعم، لقد كنا أرواحا بلا أجساد...