الأحد، 17 يونيو 2012

الخباز هاشم

صغيراً كنت ... و لازلت ... أزور الخباز هاشم بشكل يومي ... فهو مصدر الخبز الوحيد ... للحارة كلها ... معظم الأحيان تكون الزيارة صباحيه ... و أحيان قليله تكون قبيل المغرب بقليل ... أشتري خبزاً بريالٍ واحد ... حصيلته إثني عشرة خبزة ...

الخباز هاشم ... من الجنسيه الإيرانيه ... سُنِّي المذهب ... ممن تحولوا من الضفة الغربيه من إيران ... و استقروا في حارتنا ... منذ وقتٍ طويل ... يطلقون عليهم لقب "الهوله" ... أي الحوله ... بسبب تحولهم من ضفةٍ الى ضفه ... ضعيف الجسم ... طويل قليلا .. يتكلم العربية بلكنة "الهوله" ... يخلط مابين الجنسين ... يعمل بجد ... يساعده معاون من أقربائه لايجيد العربية ... تجده دائماً أمام تنوره ... مرتدياً إزاراً بخطوطٍ متقاطعه ... و فنيلةً خفيفه ... يجيد التعامل مع العجين ... يحول الطحين الأبيض و البر ... إلى خبزٍ جميل ذو رائحة جميله شهيه ... في لحظات قليله ...

عندما تقبل على دكانه ... ذو الأبواب الخشبية الخضراء ... المفتوحة على جانبي فتحة الدكان ... ترى الخباز هاشم أو هاشم الخباز ... كما نسميه ... منهمكاً في تدوير العجينة في يديه بسرعة خاطفه ... ليصفقها بقوة على مخدة الخبز ... ثم يدخلها الى التنور ... لتلتصق بجداره الساخن ... و يخرج يده بطرفة عين ... ليتعامل مع عجينة أخرى ... و هكذا حتى يمتلئ التنور ... ثم يضع مخدة الخبز جانباً ... ليمسح عرقه بمنشفةٍ معلقةٍ على كتفيه ... فيتناول أداة سحب الخبز ذات اليد الطويله ... ليبدأ بإخراج الخبز من التنور ... واحدةً واحدة ... مدورةً بيضاء قد زادتها حرارة التنور سمرةً جميله ... يضعها على جانب التنور برفق شديد ... و كأنها واحدةً من أبنائه ... حتى آخر خبزه ... ليبداء في توزيعها على زبائنه الكُثُر ...

الجميع يقف أمام المخبز ... لأخذ حصته قبل النفاذ ... دوري الآن ... يضع هاشم الخباز الإثني عشرة خبزة في المنتشفة التي أحملها ... و أعطيه الريال ... لأعود راجعاً الى البيت ... مسترسلاً في أحلامي ... حتى أدخل عتبة البيت ... أمي لدى الباب ... تضحك مبددةً قلقها و معبرةً عن راحتها برجوعي سالماً ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قبل أن أكون

 قبل أن أكون يا ترى .. أين كنت قبل أن أكون؟ أكنت في عالم الذر بداية إلى أن كتب الله لأبي وأمي أن يلتقيا لأكون؟ نعم، لقد كنا أرواحا بلا أجساد...