الأربعاء، 6 يونيو 2012

الزرافه

صغيراً كنت ... و لازلت ... ألعب مع أولاد جيراننا خارج البيت في أوقات محدده ... نخرج بعد أن تبرد حرارة الجو ... بعد العصر ... لنعود قبل المغرب ... أوقات يجب أن نحترمها  ... فقد كانت أمي شديدةٌ جداً ... نحرص كثيراً على احترام هذه المواعيد ... و إلاَّ ...

نلعب مع أبناء الجيران ... لعبة التِّيَل ... في المساحات الرمليه الفارغه بالقرب من منازلنا ... بحيث تستطيع أمي رؤيتنا من فتحة الباب على الدوام ... ... فجاءه ... إذا بصوت جرس قوي يصيح نطلق عليه "الصيتي" ... يتراكض الصبيه مهرعين الى الجنوب ... بفضول ...  نذهب معهم ... متجهين إلى مبنى كبير في أقصى جنوب الحاره ... حيث الصوت المزعج ... صوت انتهاء وردية العاملين في المغسله الوطنيه ... و التي أسسها الشيخ عبدالله المطرود في عام ١٩٥٩ ... قبل ولادتي بعامٍ واحد ...مبنى صناعي ضخم ... مليء بمعدات غسيل ضخمه ... بخار الماء الخارج من عمليات الغسيل و الكوي تنبثق من عدة أماكن ... الكثير من العماله السعوديه ... تخرج من المعمل متجهة الى مواقف سيارات نقل الركاب ... كذلك العديد من العماله تنزل من الحافلات لتبدأ ورديتها المسائيه ... مشروع جبار ... يعمل طيلة اليوم و طيلة الليل ...

نقف غير بعيد ... لنرى هذه الأمم الداخله و الخارجه ... نبحث عن شخصٍ معَّين ... كان حديث المجالس في تلك الأيام ... و هو أحد العاملين في هذا المشروع ... فجأه لمحناه قادماً يبتسم ... ناحيتنا ... فهو يعلم أننا مجتمعين هنا لنراه ... أتى إلينا ... و صافح أيدينا واحداً واحداً ... أيدينا تختفي بين أصابعه الضخمه ... يضحك قاصداً المعمل ... ليبدأ ورديته ... ياالله ... لقد حباه الله طولاً و ضخامة عظامٍ غير طبيعيه ... عملاقٌ من الدرجة الأولى ... تبرز من رقبته غدةً كبيره تراها من بعيد ... كل من يراه ... يدرك أنه أمام معجزة خلق ... لهذا ... ندعوه الزرافه ... لقب أشتهر به ...

هناك تعليقان (2):

  1. لأعرف إسمه يابوتركي و لكنه أحد العاملين السعوديين في المغسله الوطنبه عام ١٩٦٧.

    ردحذف

قبل أن أكون

 قبل أن أكون يا ترى .. أين كنت قبل أن أكون؟ أكنت في عالم الذر بداية إلى أن كتب الله لأبي وأمي أن يلتقيا لأكون؟ نعم، لقد كنا أرواحا بلا أجساد...