نقطع المساحة الرملية ... من بيتنا الجديد ... إلى طريق السبخة القريب ... و نواصل طريقنا مروراً ببيوت كثيرة ... الكثير من الأطفال بدأوا في الخروج من منازلهم ... ذاهبين إلى مدارسهم مشياً على الأقدام ... نتحدث و نضحك سوياً و نحن نخفي رعب السنة الدراسية الجديدة ... لا تزال هناك غُصَّة في نفوسنا من القادم ... نصل إلى المدرسة ... نجد زملائنا و قد سبقونا إلى هناك ... نفترق ... و كل يذهب إلى رفقائه ... حتى أعلن جرس المدرسة موعد الطابور الصباحي ...
نصطف كالعادة ... يساعدنا الوكيل إبراهيم بشير و بقية المدرسين ... على معرفة أماكننا في الطابور ... نضع حقائبنا جانباً ... و نبدأ التمارين الصباحية ... أنظر ناحية أخي غازي ... أبتسم له ... لأبدد بعض خوفه... واحد ... اثنين ... ثلاثة ... اربعة ... واحد ... اثنين ... ثلاثة .... قف ... و نحن نتابع حركات مدرس الرياضة ... و نتقيد بتعليماته ... ينتهي الطابور الصباحي ... فتذهب كل مجموعة بقيادة أحد المدرسين ... إلى صفها الذي سوف تقضي فيه معظم أيام السنة ... قائد صفنا هذه السنة ... هو الأستاذ فؤاد ... يالنا من محظوظين ... فهو مدرس ممتاز ... يدرس مادة العلوم و الرسم ... و هو طيب كذلك و لا يحمل معه عصا ...
صفنا في الطابق الثاني ... حيث تترك الصفوف في الدور الأرضي للفصول الدنيا للحفاظ على سلامتهم... و خوفاً عليهم من التدافع عند السلم ... صفي الجديد لايزال ضيقاً ... الغرفة صغيره ... و لكن إنارتها طبيعية جيدة ... مروحة في السقف ... تبدد بعضاً من حرارة الجو ... و حرارة الموقف كذلك ... حيث الإحتقان النفسي لليوم الدراسي الأول ... يساعد على الإحساس بحرارة أكثر من الواقع ...
نبدأ يومنا الدراسي الأول ... بلاشيء ... فقط نحن جلوس في صفنا ... بدون مدرس ... و أصواتنا المزعجة منتشرة في جميع أرجاء المدرسة ... الأساتذة مشغولون بإعداد الكتب ... من أجل توزيعها على الطلاب ... فجأة ... يدخل علينا الأستاذ إبراهيم بشير ... طالباً من الهدوء ... و في يمناه عصا غليظه ... يحركها ضارباً كفه اليسرى ... بضربات خفيفة ... من أجل بث الرعب في نفوسنا ... فيسكت الجميع في وقت واحد ... و كأن الأستاذ إبراهيم ... قد أغلق زر خاصية الصوت لدينا ... يخبرنا بأننا سوف نخرج مبكراً لهذا اليوم ... بعد أن نستلم كتبنا ... بشرط إلتزام الهدوء حتى يحين وقت الخروج ... يطلب من زميلنا فيصل أن يقف أمام الطلاب ... و يكون عريفاً لهذا اليوم ... و كتابة أسماء الطلاب المشاغبين علي السبورة ... و ينصرف ...
يقوم فيصل و يقف أمامنا طالباً منا الهدوء ... و مهدداً بأنه لن يتورع في كتابة أسماء المشاغبين على السبورة ... و يبدأ في سرد قصةٍ من خياله ... فسكت الجميع منصتاً إلى فيصل ... و مبحراً معه في قصته الجميلة ...
يدخل الأستاذ فؤاد ... يطلب منا الوقوف في طابور ... و يقودنا إلى طريق الخروج ... هناك كتب مصفوفة على الأرض ... يطلب منا أخذ كتاب واحد من كل مجموعة ...و الإنصراف إلى البيت ... فرحين ... نبدأ في تجميع الكتب ... و نتوجه إلى باب الخروج ... أعود ثانية إلى أستاذ فؤاد سائلاً إياّه عن الصفوف الأخرى ... فيخبرني أن جميع الصفوف الدنيا قد انصرفوا ... أخرج مسرعاً من باب الخروج ... فإذا بأخي غازي جالساً في ظلِّ المبنى المرعب ينتظر خروجي ... نقصد الدكان القريب ... نشتري منه بعض الحلويات ... و بالونة كبيرة ... و نمشي سوية عائدين إلى البيت ... و نحن فرحين بهذا اليوم الدراسي القصير ...
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
قبل أن أكون
قبل أن أكون يا ترى .. أين كنت قبل أن أكون؟ أكنت في عالم الذر بداية إلى أن كتب الله لأبي وأمي أن يلتقيا لأكون؟ نعم، لقد كنا أرواحا بلا أجساد...
-
صغيراً كنت ... و لازلت ... أرافق أقراني في رحلات الصيد ... و التي لاتبعد كثيراً من البيت ... لاأحمل معي فخّاً ... و لكن حب الإستطلاع ... ...
-
اشْتُقَّ إسمها ... من أسم أفضل البشر ... مدرستي ... أول لبنة من لبنات مستقبلي ...أخافها ... أحبها ... أكرهها ... أشتاق إليها ... .....
-
صغيراً كنت ... و لازلت ... متشوقاً لمرافقة خالي محمد إلى شارع الأمير خالد ... فهو شارع لتسوق الأجانب ... حيث نستطيع أن نرى الكثير منهم...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق