ديمة ... طفلةٌ في الحادية عشر ... تدرس في الصف الخامس الإبتدائي ... ذكية جدّاً ... تُحِبُّ دائماً أن تُدهِش الجميع ... تقوم بخدعٍ شتّى ... لديها خفة يد ... تخفى الأشياء من بين أصابعها ... بطريقة تُحيِّر من أمامها ... تعرف الكثير من الخدع السحرية ... و أثبتت سرعتها في لعبة صف الأكواب ...
واقفة فوق أحد جبال الألب ... ترمق غنيماتها التي ترعى في المنحدر أسفل منها ... هواء عليل ... بارد قليلاً ... فراش من العشب الأخضر ممتد إلى نهاية البصر ... جبالٌ شامخةٌ ذات قمم مكتسية بطبقة من الثلج الأبيض ... نهر رقراق في أسفل الجبل ... يستمد ماءه من شلالات عدة ... تصب فيه من الجبال القريبة ... منظرٌ يشرح القلب ... و هواء ينعش الصدر ... و أصوات تطرب الأذن ...
ديمة تنادي كلبها المطيع ... و الذي يحافظ على بقاء قطيع الأغنام مع بعضها ... و يضمن عدم ضياع أحدها ... يأتي إليها ”برنار“ مسرعاً ... يطرحها أرضاً ... يلعق وجناتها بحب و حنان ... و ديمة تضحك من أقصى أعماقها ... فرحةً برجوعها للعيش مع جدها ”فاهدي“ ...
تعود بها الذكريات إلى الوراء قليلاً ... عندما كانت تعيش مع والديها ... في كوخ صغير ... حيث يبدأ يومهم قبيل الشروق بقليل ... عندما يصدح والدها بأذان الفجر من شرفة منزلهم ... الذي يطل على وادي الألب ... لتقفز ديمة من سريرها ... و ترافق والدها في الشرفة ... لتسمع الأذان من قريب ... و ترى بيوتات الوادي المتفرِّقة ... و هي تصحو واحداً تلو الآخر ... و كأنّها لعبة ألكترونية ... يُضاء بيت تلو الآخر ... حتى يضاء وادي الألب بأكمله ... بعد أن تؤدي صلاة الفجر ... تذهب ديمة إلى قن الدجاج ... لتجلب القليل من البيض البلدي الطازج ... و هي ترى أمها قد بدأت بحلب البقرة ... لتعودان سويّاً إلى المطبخ الصغير ... لإعداد طعام الإفطار ...
يجتمعون على طاولة الإفطار ... في شرفة الكوخ ... و تستمتع ديمة بحديثهم الصباحي ... مع الإفطار الطازج الشهي ... لتقبّل أبويها ... و تقود غنيماتها إلى مرعاهم على منحدر الجبل القريب ... يا الله كم تشتاق إلى تلك الأيّام ... و التي سوف تعود قريباً ... بعد انتهاء والدها من عمله في المدينة ... في نهاية السنة الحالية ...
تصحو ديمة من نومها ... و هي تضحك من أقصى أعماقها ... مردِّدةً كلمةً غريبةً عليها ”ديمدروف“ ... غير فاهمةً معناها ... لتذهب إلى والدتها ... في مطبخ منزلهم في حي قرطبة ... لتحكي لها عن هذا الحلم الجميل ... غير آبهين لمعنى هذه الكلمة التي ما فتئت ديمة على ترديدها ... ليخبرها أباها ... أنّ معنى هذه الكلمة ”قرية ديمة“ باللغة الألمانية ... و هي تقابل ”هايديدروف“ ... القرية التي عاشت فيها هايدي ... مع جدِّها العجوز ”شيخ الجبل“ ... في أعالي جبال الألب السويسرية ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق