السبت، 24 أغسطس 2013

سكون الليل

سكن الليل .. وفي سكون الليل أفراحٌ وأحزان .. عندما يهجع الجميع .. وتسكن الأطراف .. وترتاح المفاصل .. تتحرك تلافيف الذاكرة .. لتُحلِّل .. وتخطِّط .. و تحب .. وتكره .. لتشحن جسد الإنسان .. بطاقةٍ تعينه على الإستمرار ليوم آخر .. أو تخبره بانتهاء يومه ..

فرحة .. فتاة مراهقة .. عندها طموح .. ولديها أحلام .. تصارع لتحقيقها منذ زمن .. ولكن لامعين .. لديها أحاسيس داخل جسمها الغض .. مثل أحاسيس الكبار ... ذات إيقاع سريع .. ترغب في بلوغ مرادها الآن .. لا الغد .. كل كلمة تُقال لها .. تطبع أثراً واضحاً في دهاليز ذاكرتها .. إن خيراً فخير .. وإن شراً فشر .. حساسة لدرجة مفرطة .. تخزن أحداث يومها .. لتجترّها عندما يحين سكون الليل ..

و عندما تهجع الأجساد .. و يداعب النوم الجفون .. عندما تبدأ عروض الأحلام .. وينفصل الجميع عن الواقع .. تعيد فرحة أحداث يومها مرّة أخرى .. تجتر أفراحها وأحزانها .. آلامها وسعاداتها .. لتحدِّد موقعها .. و بعدها عن مرادها .. 

في هذه الليلة لم تغمض لها عين .. فبعد تحليل وتفكير .. اكتشفت بأنها أبعد ماتكون عن هدفها .. تقوم من سريرها .. تفتح باب غرفتها وتغلقه بهدوء .. تصعد إلى أعلى درجة في سلّم البيت .. تجلس على الدرجة الرخاميّة الباردة .. تضع كفيها بجانبها .. تمسك بطرف الدرجة الرخامية بقوة .. تحني جذعها للأمام وهي متشبثةً بالدرجة بأقصى قوتها .. وتطلق عبرات مكتومة .. لتنهمر دموعها بغزارة .. لتتساقط على السطح الرخامي مباشرة .. بدون المرور على خديها المتوردين .. ذاكرتها تعمل بسرعة .. لتعزِّز حزنها العميق .. و يستمر شلّال الدموع بالتدفُّق .. ليزيد الحزن أضعافاً مضاعفة .. هي في حالة تغذية للأحزان .. فدماغها ليس لديه وقت للتحليل .. تشعر بأن الدنيا قد ضاقت .. حتى كادت أن تكتم أنفاسها .. تشعر بأن الجميع تخلّى عنها .. لاأحد يهتم بها أبداً .. تركوها وحيدة .. بلا دعم .. لتواجه الرعب لوحدها .. تخاف وحيدة .. وتبكي وحيدة ..

فجأة .. إذا بصوت خطواتٍ تصعد الدرجات الرخامية بهدوء .. ترفع رأسها .. لتفاجأ بأن الجميع كان واقفاً أمامها .. أمها الحبيبة .. والدها الحنون .. أخوانها و أخواتها .. الجميع كان هناك .. ليقدِّم لها الدعم والمساندة .. وهي التي صورت لها هواجسها .. بأنها وحيدةً في هذا العالم .. تقف .. تعانق والدتها .. لتعود دموعها إلى مجراها .. على سطح خديها المتورمين .. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قبل أن أكون

 قبل أن أكون يا ترى .. أين كنت قبل أن أكون؟ أكنت في عالم الذر بداية إلى أن كتب الله لأبي وأمي أن يلتقيا لأكون؟ نعم، لقد كنا أرواحا بلا أجساد...