الاثنين، 17 فبراير 2014

ماهنالك؟

هل تعلم مامعنى هذه الكلمة ”ماهنالك“. بالطبع، أعلم أنك تعلم معناها باللغة العربية، ولكن مقصدي هو البرنامج الشهير ”WhatsApp“ والذي تفنن صاحبه في تسميته ليدل على كونه برنامج بكلمة ”App“ والتي تنطق مثل كلمة ”Up“ ليكون معناها عند سماعها ”ماهنالك“ وليس ”برنامج ماذا“ حسب ترجمتها الكتابية. 
الجميع يستخدم هذا البرنامج، الصغير والكبير، لأنه أعطى للجميع مساحة كبيرة من الحرية والإمتداد لأفكارهم وإبداعاتهم. فقد أصبح الآخر جزأً من الحياة، ليعلق ويشجع ويشجب ويفرح ويحزن. جميل أن تجد لك امتداداً خارج إطارك المعتاد، يحلل طرحك ويعطيك الرأي والمشورة في دقائق معدودة من نشرك لأفكارك وطرحك لرؤاك. ولكن مهما تكن مساحة الحرية التي أعطانا إيّاها هذا البرنامج، فلاستخدامه حدود ولعطاءه محاسن ومساوء، علِمها من علِمها وجهلها من جهلها. فمع انتشاره السريع، قَلَّ الاتصال المباشر، وقَلَّ الحديث بين الناس، فاستبدل اللسان بالإصبع، والأذن بالعين. ومهما يكن فكلام الأصبع غير مفهوم و حديث العين غير مسموع والأهم من ذا وذاك، انعدم الحس الإنساني والعاطفة الجيّاشة والإتصال العاطفي. فأصبح الإتصال بين الأحباب مجرد كلمات تكتب في ثوانٍ معدودة تصل إليهم بالضغط على كلمة ”إرسال“ وتنتهي. لاتوجد استمرارية في الإتصال ولا عفوية في الحديث. في الحقيقة، لايوجد هناك أي شعور بأن الشخص على الطرف الآخر هو الحبيب الذي سبق أن سهرت معه تتجاذبان أطراف الحديث، تضحكان سويًّا وتبكيان سويًّا  فقد تحولت الضحكات من سعادة تشرح القلب إلى حروف معادة على شاكلة ”هههههههه“ و أصبحت مشاركة البكاء والألم من طبطبة على الكتف وضم على الصدر إلى كلمات لاتهش ولاتنش.

فهل هذا مانرغب فيه وهل هذا مانريده لأبنائنا؟ تخيل نفسك بعد أن يبلغ بك الكِبَرُ عِتيّا، لتأتيك رسالةً من جميع أبنائك وبناتك، أحفادك وحفيداتك لتقول لك ”عيد مبارك وكل عام وأنت بخير ياوالدي العزيز“. ماشعورك حين ذلك غير تذكر الماضي و التأسّي عليه، عندما كان الجميع لديك من بعد صلاة العيد يقبلون رأسك ويتبادلون أحاديثهم الجميلة بحضورك لتجتمع كلماتهم وأفعالهم وضحكاتهم ودموعهم وضجيجهم في رأسك لتجترها بقيّة يومك. تخيل نفسك مريضاً طريح الفراش، ليقوم الجميع بواجب عيادة المريض برسالة القصد منها تلافي الحرج أكثر من كونها المشاركة العاطفية والدعم المعنوي. 


رسالتي إلى الجميع، استخدام التكنولوجيا في تعزيز العلاقات لاتدميرها. ليكن استخدامنا لها لعمل مايزيد على الواجب لا لإلغائه. فسوف يأتي يوم يتحول الواجب إلى مجرّد رسالة لافعل، وماأتعسه من يوم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قبل أن أكون

 قبل أن أكون يا ترى .. أين كنت قبل أن أكون؟ أكنت في عالم الذر بداية إلى أن كتب الله لأبي وأمي أن يلتقيا لأكون؟ نعم، لقد كنا أرواحا بلا أجساد...