هناك مناطق مجهولة في هذا العالم لم تُكتشف بعد. يقوم العلماء ببذل الغالي والرخيص لمعرفة ما جهل. ولكن ما رأيك أيها الإنسان إذا أخبرتك بوجود مناطق مجهولة فيك أنت! نعم فيك أنت. ماهي هذه المناطق وكيف تكون كذلك؟هذا ما سوف تعلمه بعد قليل.
من أنت أيها الإنسان؟ من هو الشخص الذي بداخلك؟ كم شخصية تنبع من ذاتك؟ هل أنت مكشوف للغير من كل نواحيك؟ أم تكشف من نفسك على قدر ماتريد أن تُطلع عليه من هو أمامك؟ هل لديك في داخلك مناطق لا تحب أن يطلع عليها الآخرون؟
هذه أسئلة قد تبدو غريبة ولكنها مهمة في معرفتك لنفسك، ومع ذلك فاعلم بوجود مناطق مجهولة في داخلك حتى بالنسبة إليك. فهناك أنت وهناك الآخرون. أنت تعلم بوجود مناطق فيك يعلمها الآخرون و مناطق أخرى لا يعلمونها. وما يعلمه الآخرون فيه قسم تعلمه و آخر لا تعلمه. كذلك مالا يعلمه الآخرون فيه قسم تعلمه وآخر لا تعلمه.
فما علمته أنت و الآخرون يشكل المنطقة المكشوفة، وما علمته ولم يعلمه الآخرون يشكل المنطقة الخفية، وما لم تعلمه وعلمه الآخرون يشكل المنطقة العمياء، وما نسيته ولم يخرج لتعلم بوجوده ولكن مع ذلك فإنَّ له تأثيرًا كبيرًا على نفسيَّتك وعلى ردود أفعالك لما تتعرَّض له من أحداث فهو يشكل المنطقة المنسيّة، وأخيرا ما لم تعلمه وغاب عن الآخرين هو المنطقة المجهولة في شخصيتك. فماهي هذه المناطق وهل من المهم معرفتها؟
المنطقة المكشوفة: هي شكلك ولبسك وحديثك وحلمك وغضبك وفرحك وحزنك وكل ما قمت به عالمًا بوجوده ومُظهِرُه للآخرون. هي طريقة حياتك الرتيبة وروتين تعاملك مع من وما حولك.
المنطقة الخفية: هي ذلك الجزء منك الذي تعلمه ولا تحب أن يطلع عليه سواك. ذلك الخوف الذي تخفيه بمزحه. ذلك الحزن الذي تخفيه بضحكة. ماتقوم بإخفائه من الآخر قبل مقابلته كي لايعلم بوجوده في شخصيتك. ذلك العيب الذي تحاول أّلّا ينشره من حولك عنك. أنه كل ماحاك في نفسك وخشيت أن يطّلِع عليه الناس. وكذلك، إذا كنت من المتصدِّقين، فهي ما تعطيه بيمنك من صدقات وداريته عن شمالك راجيًا من الله القبول.
المنطقة العمياء: هي ما خفي عليك وعلمه الناس. نعم ... هناك أجزاء منك يعلمها غيرك ولا تعلمها أنت. فعندما تتواصل مع الغير، يلاحظون فيك مالا تلحظه، في طريقة كلامك، استعجالك، حركة تؤدِّيها دائما بلا شعور منك، طريقة ابتسامتك، طريقة إخفائك لغضبك، الحب الذي تفضحك فيه عيناك، وضع يديك وتحريكهما أثناء حديثك، كثرة تكريرك لكلمة تحولت إلى لزمة عندك. والكثير الكثير. مواهب دفينة لديك، تعلم بوجودها ولكنك تخشى من حُكم الآخرين فلا تُبينها لهم.
المنطقة المنسيَّة: هي ذلك الجزء من حياتك الماضية والتي تحوي أحداث عصيبة مررت بها والتي آثر عقلك الباطن بأن يخفيها عنك، خوفًا عليك. هي خوفك الباطن من أحداث أو أشياء معيّنة لا تستطيع له تفسيرا. هي تلك المنطقة التي لايستطيع كشفها غير طبيب نفسي حذق يستطيع سبر أغوارها وتعريتها لتتضح لنا الصورة.
المنطقة المجهولة: هذه من أهم المناطق لديك. ففيها ثروة من المواهب و القدرات التي لم تكتشفها بعد وذلك لعدم علمك بأنها قابعة في ذاتك تنتظر الفرصة لبزوغها. فكم من شخص أخذ الفرشاة وبدأ يرسم فأتقن وأدهش نفسه قبل الآخرين. وكم من صدفة قادتك إلى اكتشاف قدرتك على الإبداع في فنٍّ أو دراسة بلا علم منك ولا دراية. كم من شخص لديه القدرة على رؤية المناظر أمامه بدقَّةٍ لا يعيها جليسه. كم من شخص أمسك بكاميرة والتقط لقطات بديعة بدون دراسة منه و لا تعب. فعينه لديها القدرة على انتقاء ما حَسُنَ من التكوينات ليُأَطِّرَها في لقطة انتقت أجمل ما فيها من ترتيب وإنارة وظلال وألوان مخلِّدًا جمالًا سوف يزول بعد لحظات.
فلنساعد أنفسنا بمعرفة مناطق شخصيّاتنا لنُحَسِّن سيئها ونكشف غائبها ونعرف مجهولها. لنكشف للغير أكثر مما كان ونكشف لأنفسنا قدرات كامنة تتحين الفرصة للبزوغ، فلنساعدها على ذلك. فمن بين هذه المناطق مكشوفها وخفيها، معلومها ومجهولها ومنسيها نكون نحن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق