الفيلسوف إكسفورد إيزيا برلين طور مفهومان للحرية، الحرية الإيجابية والحرية السلبية. الحرية السلبية هي كون الإنسان قادر على فعل مايريد بدون إعاقة من الآخرين. والحرية الإيجابية هي كون الإنسان سيد نفسه. والمفهومان يتركزان حول حدود الحرية و آليات تحقيقها.
الحرية السلبية تتمحور حول إطلاق العنان للإنسان لعمل مايريد بدون إعاقة من الآخرين مع تحديدها بإعاقة خارجة عن سيطرته وعن سيطرة الآخرين. مثال على ذلك هو منع الحصول على تراخيص لإنشاء دور سينما. هنا لم يتم منع الإنسان من مشاهدة فيلم يرغب بمشاهدته ولكن عدم توفر هذه الخدمة منع الإنسان من تحقيق رغبته أو التفكير في تحقيقها. عند رغبتي في مشاهدة عرض سينمائي هناك فرق بين عدم قدرتي على مشاهدة العرض لانعدام وجود دور مخصصة لذلك، وعدم قدرتي على مشاهدة العرض لنفاذ تذاكر العرض. فالأولى هي حرية سلبية والأخرى هي حرية إيجابية. مثال آخر ألا وهو الفرق بين عدم قدرتي الحصول على كتاب معين بسبب منع تداوله، وعدم قدرتي الحصول عليه بسبب نفاذه من المكتبات.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هل توجد حرية مطلقة؟ هل يجب أن تكون الحرية متساوية في جميع أنحاء العالم وتحت كل الظروف؟ والإجابة بالطبع لا.يجب أن تكون هناك مبادئ عامة تضع حدود وضوابط لتلك الحرية، تختلف بحسب الظروف والدين والعادات. ويجب أن تكون هذه المبادئ مصاغة بطريقةٍ تحفظ لكافة أطياف المجتمع حريتهم بدون التأثير على الأطياف الأخرى، وهي معادلة صعبة وتحتاج إلى سمو في التفكير وسعة في الصدر وأذن مصغية للجميع بدون محاباة لطيف دون الآخر.
لذا أرى أن تقسيم المجتمع إلى فئات بحسب الفكر والإنتماء هو خطأ كبير. وعدم الوضوح في بعض الضوابط التي تحدد حرية المجتمع لدينا هو خطأ أكبر. وقبل هذا وذاك، يجب أن يكون لدينا وضوحاً أكبر في العلاقة بين مختلف المذاهب والأطياف الموجودة على أرضنا. فالجميع في خدمة الوطن والوطن في خدمة الجميع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق