الجمعة، 29 أغسطس 2014

بقايا إنسان

دائِمًا‭ ‬والإنسان‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الزمن‭ ‬في‭ ‬عجلة‭ ‬من‭ ‬أمره‭. ‬هو‭ ‬في‭ ‬سباق‭ ‬مع‭ ‬عقارب‭ ‬الساعة‭ ‬وكأنه‭ ‬في‭ ‬مضمار‭ ‬طويل‭ ‬لن‭ ‬يبلغ‭ ‬نهايته‭. ‬قد‭ ‬سخر‭ ‬جميع‭ ‬قواه‭ ‬واستهلك‭ ‬جميع‭ ‬خلايا‭ ‬جسده‭ ‬وأحرق‭ ‬معظم‭ ‬وصلات‭ ‬دماغه‭ ‬ليحصل‭ ‬على‭ ‬سعادةً‭ ‬لن‭ ‬يبلغها‭ ‬طالما‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬هذه‭ ‬السرعة‭ ‬وفي‭ ‬وسط‭ ‬هذا‭ ‬المضمار‭.  ‬

هو‭ ‬في‭ ‬معمعة‭ ‬بلوغ‭ ‬البعيد‭ ‬غير‭ ‬مدرك‭ ‬لما‭ ‬حوله‭ ‬من‭ ‬أشياء‭ ‬قريبة‭ ‬ًبسيطةً‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬سببًا‭ ‬لسعادته‭ ‬المنشودة‭. ‬البعض‭ ‬يسير‭ ‬برتمٍ ‬سريع‭ ‬لدرجة‭ ‬أنه‭ ‬يسبق‭ ‬السعادة‭ ‬نفسها‭ ‬ويتركها‭ ‬وراءه‭ ‬ليسعى‭ ‬فقط‭ ‬لمجرد‭ ‬السعي‭ ‬وراء‭ ‬حاجات‭ ‬لن‭ ‬تشعره‭ ‬بالسعادة‭ ‬فور‭ ‬حصوله‭ ‬عليها‭. ‬فقد‭ ‬سلك‭ ‬الطريق‭ ‬الخطأ‭ ‬والذي‭ ‬لن‭ ‬يأخذه‭ ‬لما‭ ‬يريد‭. ‬يتابع‭ ‬المسير‭ ‬وقد‭ ‬فقد‭ ‬البوصلة‭ ‬التي‭ ‬ترشده‭ ‬إلى‭ ‬مبتغاه‭. ‬

نسي‭ ‬الإنسان‭ ‬أنه‭ ‬روح‭ ‬وجسد،‭ ‬قلب‭ ‬وعقل‭. ‬نسي‭ ‬أن‭ ‬لديه‭ ‬مشاعر‭ ‬وأحاسيس،‭ ‬رغبات‭ ‬وطموحات‭. ‬فشمر‭ ‬عن‭ ‬ساعديه‭ ‬للوصول‭ ‬لرغباته‭ ‬وتحقيق‭ ‬طموحاته‭ ‬تاركًا‭ ‬خلفه‭ ‬مشاعر‭ ‬وأحاسيس‭ ‬قد‭ ‬خبا‭ ‬ضجيجها‭ ‬وتبلّد‭ ‬وهيجها‭ ‬لتتركه‭ ‬بقايا‭ ‬إنسان‭. ‬وهل‭ ‬يسمى‭ ‬إنسانًا‭ ‬من‭ ‬تبلدت‭ ‬مشاعره‭ ‬واختفت‭ ‬أحاسيسه‭. ‬

لتعلم‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬عليك‭ ‬أن‭ ‬تجرب‭ ‬كل‭ ‬ماتستطيع‭ ‬تجربته‭ ‬لتعرف‭ ‬رغباتك‭ ‬الحقيقية‭ ‬النابعة‭ ‬من‭ ‬قدراتك‭ ‬وطموحاتك‭. ‬حيث‭ ‬أنها‭ ‬سوف‭ ‬تكون‭ ‬البوصلة‭ ‬التي‭ ‬تدلك‭ ‬على‭ ‬الطريق‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬عليك‭ ‬أن‭ ‬تسلكه‭. ‬خفف‭ ‬السرعة‭ ‬وانظر‭ ‬لما‭ ‬حولك‭ ‬وأنت‭ ‬تسلك‭ ‬الطريق‭ ‬الذي‭ ‬اخترته‭. ‬استمتع‭ ‬بالطبيعة‭ ‬وركز‭ ‬على‭ ‬القريب‭. ‬إملأ‭ ‬ناظريك‭ ‬بجمال‭ ‬البحر‭ ‬والزهور‭ ‬ومنظر‭ ‬الشروق‭ ‬والغروب‭. ‬كن‭ ‬رومانسي‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الجميع‭. ‬عش‭ ‬اللحظة‭ ‬واستمتع‭ ‬بها‭. ‬إذا‭ ‬كنت‭ ‬تأكل‭ ‬ركز‭ ‬على‭ ‬ماتأكله‭ ‬مستمتعًا‭ ‬وشاكرًا‭. ‬إذا‭ ‬كنت‭ ‬تمشي‭ ‬ركز‭ ‬على‭ ‬ظل‭ ‬الشجرة‭ ‬القريبة‭ ‬واستمتع‭ ‬بزقزقة‭ ‬العصافير‭ ‬التي‭ ‬تسكن‭ ‬فيها‭. ‬إذا‭ ‬كنت‭ ‬في‭ ‬مجلسٍ‭ ‬استمتع‭ ‬بالأحاديث‭ ‬وتأنّس‭ ‬بالصحبة‭. ‬إذا‭ ‬كنت‭ ‬تتعبد‭ ‬عش‭ ‬اللحظة‭ ‬وتقرب‭ ‬من‭ ‬المولى‭ ‬عز‭ ‬وجل‭. ‬إذا‭ ‬كنت‭ ‬تؤدي‭ ‬عملك‭ ‬ركِّز‭ ‬على‭ ‬إتقانه‭ ‬والإبداع‭ ‬فيه‭. ‬ضع‭ ‬جُلَّ‭ ‬اهتمامك‭ ‬بما‭ ‬تعمله‭ ‬في‭ ‬وقته‭ ‬واترك‭ ‬ماعداه‭. ‬بهذا‭ ‬تحصل‭ ‬على‭ ‬السعادة‭ ‬لأنك‭ ‬تكون‭ ‬قد‭ ‬عشت‭ ‬بعمق‭ ‬كل‭ ‬موقفٍ‭ ‬مرَّ‭ ‬بك‭. ‬تكون‭ ‬قد‭ ‬أعدت‭ ‬النشاط‭ ‬إلى‭ ‬أحاسيسك‭ ‬ومشاعرك‭ ‬ولم‭ ‬تعد‭ ‬كما‭ ‬كنت‭ ... ‬بقايا‭ ‬إنسان‭.‬

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قبل أن أكون

 قبل أن أكون يا ترى .. أين كنت قبل أن أكون؟ أكنت في عالم الذر بداية إلى أن كتب الله لأبي وأمي أن يلتقيا لأكون؟ نعم، لقد كنا أرواحا بلا أجساد...