الميزان، تلك الأداة التي يستخدمها من أراد أن يعدل. يستعملها البقّال في دكانه ليعطيك حقك ويأخذ حقه. ويستعملها صاحب محل الذهب ليعطيك حقك ويأخذ حقه. ويستعملها الكيميائي لكي يستطيع تركيب مركباته ومخلوطاته. تختلف حساسية هذا الميزان على حسب أهمية مايتم وزنه. فالبصل والطماطم لايحتاج إلى حساسية كبيرة ودائمًا مايكون المستهلك قد أخذ أكثر من حقه. ولكن الذهب يحتاج إلى حساسة أكبر لغلاء السعر. وتركيب المواد كذلك تحتاج إلى حساسية أكبر للحصول على المطلوب، فزيادة في عنصر قد تحول المركب إلى شيء آخر غير المرغوب بتصنيعه.
هذه موازين الحياة الدنيا، فكيف هي موازين الله سبحانه وتعالى؟ هل تعلم أيُّها الإنسان عدد الموازين الإلهية لديك؟ فهناك عدد لايحصى من الموازين قد حباك الله بها تحمي جسمك وتحميك من الأذى. منها موازين مضمّنة داخل جسمك وأخرى قد أخبرك الله بها علّها تساعدك على المضي بحياتك بسعادة وعلى التعامل مع البيئة من حولك بحكمة وعدل. ماهي هذه الموازين؟ وكم عددها؟ وهل هي فعلًا موازين تزن بالقسطاس أم هي مجرد منظِّمات؟ هل نستطيع التحكم بها أم هي تعمل بأداء ذاتي وبتلقائيّة بدون أي تدخل منّا؟ لنرى بعضًا من هذه الموازين ولنشكر الخالق جل وعلا.
عينيك ... هل تعلم أن ماتراه يمثِّل فقط ثلاثة أجزاء من مليون مليون مليون جزء من الطيف. لماذا؟ لأنه لو كانت قدرة العين أكثر من ذلك لما استطعنا الرؤية بتاتًا وذلك لأننا سوف نرى كل شيء. إنه أشبه باللغز. لن نستطيع الرؤية لقدرتنا على رؤية كل شيء. لأنه بذلك سوف تتشوه الرؤية لدينا. سوف نرى أشياء كثيرة بحيث لن نستطيع تمييز شيء واحد منها. سوف نفقد إحساسنا بالإضاءة وبالظلام. سوف تجتمع الألوان جميعها في وقت واحد حتى لانستطيع التمييز بينها. سوف يعمل دماغنا بسرعة لحل معضلة الصور والألوان والإضاءة المتراكمة التي تأتيه من الشبكية بحيث أنه يتعب من معالجة كل هذه المعلومات وتكون النتيجة عدم الرؤية. فنور الشمس يتكون من جميع الألوان وقد اندمجت موجاتها مع بعضها لدرجة أنها ألغت بعضها بعضًا فلم نعد نملك القدرة على إعادة تحليلها إلى ألوانها الأصل. فصارت بالنسبة لأعيننا غير مرئيّة. ولكن لو أخذت منشورًا زجاجيًا لرأيت مالم تكن قادرًا على رؤيته قبل ذلك، ولتحلّل نور الشمس وانعكس بألوانه الكثيرة التي تندرج من اللون الأحمر إلى اللون البنفسجي مرورًا بالبرتقالي فالاصفر فالاخضر فالأزرق فالنيلي. فميزان الرؤية يعتمد على إلغاء كل ماكان طوله الموجي أقل من أربعمائة نانومتر أو أكبر من سبعمائة نانومتر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق