الإنسان ... ذلك المخلوق الذي لايطيق القيود، يبغضها جميعًا ولايستطيع العيش وهي قابضة على معصميه وكأنّها تشنقهما وتمنع الدم من أن يجري في عروقهما. هل تستطيع العيش يا ابن الإنسان بقيود حتى وإن كانت من ذهب؟
يعمل في مكتبه، يُحلِّل ويخطط، يقترح ويُشير، يصمِّم ويُنفِّذ. يحضر الإجتماعات الكثيرة حيث كانت له صولة وجولة. يأمر وينهى، يغضب ويسلى، يوافق ويأبى، عند الجميع له الكلمة واحترام الرأي. إذا احتاج فريق العمل من يتصدى لعائق، كان هو في المقدِّمة. يقود حتى النصر والحصول على المبتغى. الجميع يحسب له ألف حساب. فهو الطائر الحر الذي يرفرف بجناحيه لينقض على المعوقات ويبيدها. هو الطائر الحر الذي يقتنصون به جميل مايريدون ويحصلون بواسطته على جُلَّ مايرغبون. هو الورقة الرابحة التي يحافظون عليها ويخشون عليها من الضياع.
فجأة ... إذا به يخسر كل هذا الإهتمام والجبروت. إذا بالطائر الحر، الصقر الصيّاد، يوضع على وكره الجميل، ويوضع على عينيه ذلك البرقع القبيح لكي يهدأ ويرتاح. وهم في نفس الوقت وبدون احساس منه، يقصون ريشه بمقص هادئ ريشة ريشة حتى لايطير ثانية. يفاجأ بذلك بعد فوات الأوان، ليرى حاله بعد أن أزالوا البرقع عن عينيه ليتحسر على تلك الأيام وتلك الثقة الكبيرة التي لم تكن في موضعها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق