السبت، 31 ديسمبر 2016

غروب

في هذا اليوم السبت الثاني عشر من صفر عام ١٤٣٨ الموافق الثاني عشر من نوفمبر ٢٠١٦ أشرقت الشمس بخبرٍ جعلها تغرب في عيني حيث فقدت أخًا وصديقًا عزيزًا على قلبي. أقترب منه بخوف وعدم تصديق لأقبل جبينه البارد غير مصدِّقًا لما حدث. تدور في رأسي صورًا كثيرةً لطالما اشتركنا في بطولة أحداثها. حزين لأني  فقدت قدوةً لطالما أنارت دربي.
فقدت مخزن أسرار طفولتي التي قضيت معظمها ممسكًا بكفه الحنون وهو يدخل بي إلى معترك الحياة ويفتح عيني على أشياء لم أكن أعلم بوجودها. كان صلتي بالعالم القابع خارج محيط أسرتي ومصدر معلوماتي لماهو موجود حولي، مُرشدًا ومفسِّرًا لما استصعب على فهمي. لاأنسى صحبته الطيبة لي وأنا لاأزال طفلًا صغيرًا للتو بدأت سنوات دراستي. لاأنسى صحبته في ليالي رمضان ونحن ندخل عالم شارع الملك خالد الذي لم أكن أعلم بوجوده لتصدمني رؤية هذا الكم الهائل من المعروضات التي لم أكن أفهم ماهيتها. لاأنسى مبادرته بشراء أول قصة مصورة أقرئها فقط لأنه أحس باهتمامي بها. لاأنسى صحبته لي إلى صالة عرض الأفلام في شركة أرامكو حيث أول فلم أشاهده في السينما علمًا بأن رجل الأمن القابع في مدخل صالة العرض منعنا من الدخول لعدم حيازتنا على بطاقة تثبت انتسابنا إلى الشركة لنلتف من خلفه ونقصد غرفة العرض الصغيرة ذات السلم الخارجي ونجلس مع مشغِّل العرض و نشاهد الفلم من نافذته الصغيرة. لاأنسى سهرتنا معًا نشاهد فلمًا عربيًّا في فناء منزلنا الخشبي الصغير تحت نجوم السماء  الصافية لنضحك حتى الثمالة على ردود فعل الممثل إسماعيل ياسين وهو يعمل جنديًّا في البحريَّة المصريَّة. لاأنسى اشتراكنا في إعداد طبخة عجيبة في مطبخنا الصغير بعد منتصف الليل لننتهي بتناول لبنًا وتمرًا وترك طبختنا العجيبة جانبًا لعدم استساغتنا لطعمها. لاأنسى جلوسنا على شاطئ البحر ونحن نرمق أمواج البحر بصمت ونلقي نكتةً كلَّما زاد الصمت لنضحك حتى نستلقي على ظهرنا على رمل الشاطئ النظيف. رحمك الله ياصاحب الإبتسامة الدائمة والنكتة الحاضرة. رحمك الله يامن ملكت قلوب الجميع بطيبتك الزائدة وتواضعك الجميل. رحمك الله ياخالًا كان لي أكثر من صديق وأقرب من أخ وأعز من نفس. رحمك الله وأثابك جنَّةً عرضها السماوات والأرض ”ياأيتها النفس المطمئنة أدخلي في عبادي وادخلي جنتي“.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قبل أن أكون

 قبل أن أكون يا ترى .. أين كنت قبل أن أكون؟ أكنت في عالم الذر بداية إلى أن كتب الله لأبي وأمي أن يلتقيا لأكون؟ نعم، لقد كنا أرواحا بلا أجساد...