السبت، 31 ديسمبر 2016

أبي .. ذلك الجميل

ألمٌ يحتويني وأحتويه. ألمٌ يملأ كياني ويحتل خلايا جسدي. ألمٌ يقتل الدمعة في عيني ويمنعها من الظهور لتسكن في حبال حنجرتي الملتهبة وتضاعف الألم في حلقي. لاأقدر على ابتلاع ريقي ولاأستطيع أن أُخرج حزني لأرتاح. هناك بكاءٌ وعويل لايتجاوز حنجرتي. صراخ في داخلي يأبى الظهور. حزن خيم على محيطي وتسرب إلى روحي ليزيد نحيبها بصمت كريه. ضباب داخل جمجمتي يحجب الأكسجين عن تلافيف مخي ليمنعه عن التفكير.
أرغب في حلم يفيقني من صحوتي وصحوة تفيقني من هذا الحلم القميء. في حاجة ماسَّة لأنام وأعيش في حلم يأخذني من واقعي المرير. في حاجة الى نوم يوقف الزمن ويكسو جسدي بطبقات من الجليد. أكلم ذلك الصوت الذي بداخلي فلا أفهم مايريد. أصغي بإذن لاتسمع ذلك الضجيج من حولها وعين لاترى تلك الأحداث التي أمامها. صدمة تحيلني إلى تلك المنطقة المؤلمة التي تقع بين الحلم واليقظة. لاأعلم هل ماحولي واقعًا ألمسه أم خيالًا أراه. أصوات كثيرة متداخلة تُبَلِّد أحاسيسي وتهد أطرافي وتكتم أنفاسي. ياالله ! أرى أشباحًا كثيرة حولي، تتسلل إلى أحلامي وتنغص علي يقظتي. هناك شيء يلاحقني وأنا أركض بأقصى طاقتي له وشيش يقترب من أذني، أفتح فمي لأطلق صرخة يخونني صوتها. تظل حبيسة حنجرتي حتى إذا مانطلقت صيحاتي المكتومة لتوقظ من عندي. تحضنني زوجتي وهي تسمي باسم الرحمن. أنفاسي تتسارع وضربات قلبي تتزايد لأحضنها وتبدأ أنفاسي بالركود. أصحو وأنا خجل من نفسي متمسكًا أكثر بيد زوجتي حيث الأمن والأمان والراحة التي أحتاجها في هذه الأوقات. مسكين أيها الإنسان أحداث حياتك تتراكم لتبلغ حدها ذات يوم وتثبت لك ضعفك وخوفك وانكسارك .. لتثبت أنك فقط إنسان. إنسان ذا جبروت وعلم، لك صولاتك وجولاتك، تعتد بنفسك وقوتك، حتى يثبت الزمن لك ولمن حولك في يوم من أيامك خلاف ذلك. فقوتك تكون بمقدار الضعف المتخفي في ثنايا نفسك، وجبروتك يكون بحجم الذل القابع في داخلك، وسعادتك تكون بكمية الحزن التي تملأ روحك. جميع هذه الأحاسيس تخوض حروبًا في داخلي لاأقدر على إخمادها، أنّا لي ذلك وأنا أقف مكتوف اليدين أرى أبي الحبيب وهو يذوي أمام عيني ولاأملك له سوى الدعاء. أبي الذي كان فرحًا بولادتنا فقط لأنه يرى أننا كالهديا التي تأتي بدون ترتيب. أبي الذي تعثر عشرات المرات وهو يكدح لنكون على مانحن عليه ليقوم بعد كل مرة أقوى وأحكم. أبي ..  ذلك الجميل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قبل أن أكون

 قبل أن أكون يا ترى .. أين كنت قبل أن أكون؟ أكنت في عالم الذر بداية إلى أن كتب الله لأبي وأمي أن يلتقيا لأكون؟ نعم، لقد كنا أرواحا بلا أجساد...