الاثنين، 31 يوليو 2017

أين تقف؟

كل صباح تشرق عليك شمسه يُهديك رصيد جديد من الساعات تستطيع من خلالها عمل الكثير أو عدم عمل أي شيء. فأنت المتحكم الوحيد بتلك الساعات. تستطيع صرفها في مواطن إهتماماتك داخل دائرة الاهتمام أو في مواطن تأثيرك داخل دائرة التأثير. وهذه الساعات الأربع والعشرين تسير على وتيرة واحدة حتى تكون قد أستُنْفِذت بمجرد أن تفتح عينيك من نومك في اليوم التالي.  فإن أمهلك الخالق ومد في عمرك، أضاف إلى رصيدك ساعات أُخَر لتصرفها كيفما شئت. وهذه الساعات محسوبة من عمرك الذي كتبه الله لك، وكل ساعة تمر هي نقص منه.  في أي دائرة تقضي جُلَّ ساعات يومك؟  هل تقضيها في أشياء لاتستطيع فعل شيء حيالها، أم تقضيها في أشياء لك فيها تأثير مباشر وتستطيع التغيير فيها.

هل تقضيها في عمل تُِحبُّه يُحَسِّن من حالتك الإقتصادية ويساعدك على كسب مادي يعينك على العيش بمستوى لائق. هل تقضيها بدراسةٍ تطور قدراتك وتعينك على  الجاهزية لفرص أفضل. هل تقضيها بقراءة تزيد من علمك وثقافتك وتنمي مداركك وقدراتك. هل تقضيها بتنمية مهاراتك الفنية أو الأدبية. هل تقضيها برياضة تعينك على الحصول على جسم رشيق خال من الأمراض. هل تقضيها بجلوس مع أطفالك وزوجك يزيد من صلتك بهم ومعرفة اهتماماتهم ومساعدتهم على حل مشاكلهم. هل تقضيها بزيارة صديق أو صلة رحم تزيد من تقاربك معهم. هل تقضيها بالإختلاء مع نفسك والتفكر والتأمل لتزيد من فهمك لنفسك وتحفيزك لها. هل تقضيها بالتقرب إلى خالقك بصلاة أو قراءة قرآن.  هل تقضيها بالترفيه عن نفسك وأفراد عائلتك بدون مبالغة. إذا كنت تفعل بعضًا منها فإنك تقضي معظم ساعات يومك داخل دائرة تأثيرك وتتعامل مع أشياء تملك القدرة على فعل شيء حيالها وهذا من حسن استغلالك لوقتك.
أما إذا كنت تقضي جُلَّ ساعات يومك في دائرة اهتمامتك التي لا تستطيع فعل شيء حيالها كمشاهدة التلفاز لمدة طويلة، الإستغراق بمتابعة أشخاص في السناب شات أو الفيسبوك أو التويتر أو الواتساب، الدردشة الطويلة مع زملائك والكلام في الناس والسخرية من الغير، متابعة الأحداث السياسية والإستغراق في تحليلها والكلام الكثير عن الطقس ودرجة الحرارة وأزمة المرور وغلاء الأسعار والفقر والبطالة والحروب والإرهاب وتبديد ساعاتك على مهاترات كلامية لاتملك القدرة على التغيير فيها أو الحديث الدائم عن مشاكلك وسلبيات المجتمع الذي أنت جزء منه بدون العمل على وضع حلول عملية لحل مشاكلك أو التقليل من تلك السلبيات. فهذه الأشياء جميعها تقع في دائرة اهتماماتك التي لا توجد لديك القدرة على التغيير فيها فأنت بذلك تبدد ساعات أهداها إليك خالقك في أشياء تافهة لا تعينك على تغيير حياتك وحياة مجتمعك للأفضل.

لذا، كن حريصًا على وقتك وركز على الأمور التي تستطيع فعل شيء حيالها ووظف طاقتك بزيادة الإيجابية في حياتك ودع عنك السلبية وتبديد ساعاتك على أشياء لاتغني لك من الله شيئًا ولاتستطيع التأثير عليها وتصحيحها. وظف جهدك وطاقتك ووقتك ومالك في الأمور الواقعة في دائرة تأثيرك وكف عن الشكوى مما لاسلطان لك عليه في دائرة اهتمامك. واعلم أنه كلما طغت دائرة الإهتمام على دائرة التأثير صرت أقرب إلى الكسل والفشل. فالفاشلون ماهرون في اختلاق الأعذار والناجحون ماهرون في ايجاد الحلول.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قبل أن أكون

 قبل أن أكون يا ترى .. أين كنت قبل أن أكون؟ أكنت في عالم الذر بداية إلى أن كتب الله لأبي وأمي أن يلتقيا لأكون؟ نعم، لقد كنا أرواحا بلا أجساد...