الثلاثاء، 25 ديسمبر 2012

النتيجة

صغيراً كنت ... و لازلت ... آخر يوم لي في اختبارات الشهادة الإبتدائية ... أذهب إلى مقر الإختبار خالي الوفاض ... لاأحمل شيئاً غير قلمي ... قلم الحبر الأزرق الناشف ... فمادة اليوم هي مادة التعبير ...

أخرج من البيت و قلبي مملوء بفرحة مكتومة ... فرحة سوف تتبلور بعد أن أخرج من باب المدرسة ... منهياً فترة الإختبارات ... الإبتسامة باديةً على وجهي و على أوجه جميع زملائي ... الجميع فرح في هذا اليوم ... يفكر فيما سوف يفعله أثناء العطلة الصيفية الطويلة ... 

نلعب في الساحة الكبيرة ... منتظرين صوت جرس الدخول ... ترررررن ... ننطلق إلى غرف الإختبار ... أجلس على طاولتي ... و أطلق العنان لخيالي ... الذي صعد بي إلى القمر ... و نزل بي إلى أعماق البحر ... ليوقظني مشرف الإختبار بوضعه ورقة الأسئلة على طاولتي ... نبدأ بكتابة موضوع التعبير ... حيث كان لنا الخيار بالكتابة عن مواضيع ثلاث ... اخترت منها أوسطها ... "أكتب عن ما استفدته في هذا العام من المدرسة و من البيئة من حولك" ... موضوع شيق ... و لدي الكثير للكتابة عنه ... أنهي كتابة الموضوع ... أسلم ورقتي ...

أنطلق خارجاً نحو الحرية ... نحو الأفكار الكثيرة التي تأخذ حيزاً كبيراً من عقلي ... نحو عمل ما أحب ... أخرج من باب المدرسة ... و في اللحظة التي أضع فيها قدمي خارج سور المدرسة ... أُحِسُّ بفراغ كبير ... و بهدوء شديد ... أحس و كأن ألوان المنظر أمامي يخف تركيزها ... و تتحول تدريجياً إلى اللون الرمادي ... و تختفي ... و في نفس الوقت يزداد وهيج ألوان الصور التي في مخيلتي ... حتى أستبدل الحقيقة بالحلم ... فأعيش مع أحلامي الكثيرة ...  أحلامي في امتلاك درّاجة ألعب بها ... أقودها إلى البحر القريب ... لأصيد السمك ... و أمارس السباحة في الشاطئ القريب ... أحلامي في امتلاك مكتبة صغيرة مملوءة بالكتب ... التي أستطيع أن أقضي معها جُلَّ وقتي ... أحلامي في استكشاف منطقتنا من الصباح الباكر ... و رؤية العصافير و الطيور و هي في مهاجعها قبل شروق الشمس ... أحلام قد تبدو بسيطة ... و لكنها مهمة بالنسبة لطفل للتو بدأ يخطو إلى سن المراهقة ... توقظني أمي من سلسلة أحلامي الطويلة ... بضمة تساوي الدنيا و ما عليها ... تبارك لي انتهائي من الإختبارات ... و تسألني عن سهولة إختبار اليوم ... أستأذنها في اللعب خارجاً ... فتأذن لي ... و أنطلق إلى أبناء الحي ... المجتمعين تحت شجرة الأثل القريبة ... 

اليوم هو اليوم الموعود ... اليوم هو يوم الحصاد ... اليوم سوف يتم إعلان أسماء الناجحين في الشهادة الإبتدائية في المذياع ... تتحلق جميع الأسرة بعد صلاة العصر حول الراديو الوحيد ... بُغيَةَ سماع أسماء الناجحين ... أخبر الجميع أن يهدؤا عند سماع المذيع يذيع إسمي ... فإني أرغب في سماع أسماء زملائي الناجحين ... "مدرسة المحمدية بالخبر" ... قالها المذيع فصمت الجميع ... "جمال محمد شرف ... سعيد رجا القحطاني ... بكر فهد الهاجري" ... يصرخ الجميع فرحةً بهذا الإنجاز ... سعيداً كنت و مستاءاً في نفس الوقت لأني لم أستطع سماع باقي أسماء الزملاء ... نتيجة للضوضاء من حولي ... أشكر الله و أبارك لأهلي على ذلك ...  يعدني والدي بحفلة بمناسبة نجاحي أنا و أخي غازي ... و يعدنني أخواتي كذلك بجائزة كبيرة ... إذا لم تكن هذه مواطن السعادة ... فما هي مواطنها ... الحمدلله رب العالمين ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قبل أن أكون

 قبل أن أكون يا ترى .. أين كنت قبل أن أكون؟ أكنت في عالم الذر بداية إلى أن كتب الله لأبي وأمي أن يلتقيا لأكون؟ نعم، لقد كنا أرواحا بلا أجساد...