الصحة تاج على رؤوس الأصحّاء لا يراه إلاّ المرضى ... مثلاً يجسد حالة كل منا ... فعلاً ... فنحن لا نستشعر نعمة الصحّة و العافية ... إلاّ عند مرضنا ... فلنعلم أنّ هناك إخواناً لنا ... ابتلاهم الله بإعاقة دائمة ... عليهم أن يبذلوا مجهوداً كبيراً ... ليقوموا بأبسط الأشياء ... التي لا نلقي لها بالاً ...
حاتم ... شابٌ في الثلاثينات ... أصيب بحادث سيّارة ... تركه مقعداً ... معتمداً على الكرسي المتحرك في تنقلاته ... لنعيش معه يومه ... و تفاصيل حياته ... لنركب معه على كرسيه ... و نحرِّك عجلاته... لنتمشى معه على رصيف منزله ... لندخل معه إلى السوق ... و المستشفى ... و المطار ... لنرى تفاصيل دقيقة ... تحدُّ من حركته ... و تزيده إعاقته ... علّنا نقوم بما يجب علينا ... من ... إماطة الأذى عن طريقه ... و طريق أمثاله ... و هم كُثُر ...
كمهندس ... دائماً ما نصمم مشاريعنا لتتخطّى أصعب السناريوهات ... و فوق ذلك نجعل هناك عامل سلامة "Safety Factor" ... لضمان عملها في أصعب الظروف المتوقَّعة ... و مع ذلك ... ننسى أهم عنصر في المشروع ... ألا و هو الإنسان ... فهو المستخدم للمشروع ... و هو من يقوم بتشغيله و صيانته و استخدام جميع مرافقه ... دائماً نعتبر أن الإنسان المستخدم لهذا المبنى أو الطريق أو الرصيف ... هو إنساناً صحيحاً ... كاملاً ... قويّاً ... و هذا ينافي الواقع ... فمثلما نصمم مشاريعنا لتتحمل أصعب الظروف ... يجب كذلك تصميمها لجميع فئات المستخدمين ... و من بينهم أحبابنا من المعاقين ... أثابهم الله الجنة ... و عوضهم بها ...
حاتم الإنسان ... له الحق بأن يقصد جميع الأماكن ... يدخل جميع المباني ... يستعمل جميع المرافق ... لكننا نبخسه حقّه ... و نمنعه من القيام بذلك ... عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "الإيمان بضع وسبعون شعبة فأفضلها قول لا اله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من شعب الإيمان" متفق عليه ... وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل سلامى من الناس عليه صدقة... ثم قال: وتميط الأذى عن الطريق صدقة" رواه البخاري ومسلم ... فمالنا لانميط الأذى عن طريق هذه الفئة من أحبابنا ... مالنا لا نسهِّل عليهم قضاء حوائجهم ... ما لنا لا نمنحهم الإحساس باستقلاليتهم ... و بعدم حاجتهم إلى طلب المساعدة من الغير ... في فتح باب ... أو عبور رصيف ... أو استعمال مصعد ... أو عبور شارع ... ما لنا نزاحمهم حتى في المواقف المخصَّصة لهم ... و كأنهم غير موجودين ...
هل تعلم بأن عملية فتح الباب من أصعب مايواجه مُستعمل الكرسي ... خصوصاً إذا كان يحتوي على غالق ... هل تعلم أن صعود الرصيف المرتفع عشرة سنتيمترات يحتاج لقوّةٍ يدوية غير معتادة ... هل تعلم أن نزول السلالم البسيطة مستحيلة على هذه الفئة ... هل تعلم أن الحصول على شربة ماء من البرادات المنتشرة في الأسواق و المستشفيات يحتاج لعمل بطولي ... هل تعلم أن سحب كأس ورقي من فوق البرّادة مستحيل ... هل تعلم أن استعمال الحمّامات العامة غير ممكن لصغر حجم الباب ... و استحالة مرور الكرسي من خلاله ... هل تعلم أن استعمال مواقف السيارات العادية صعبة جدّاً ... لضيقها و عدم استطاعة صاحب الكرسي الخروج منها بكرسيه ... هل تعلم بعدم وجود مسارات لمستعملي الكرسي عند مداخل معظم المباني ... هل تعلم أن الأعمى لايستطيع استعمال المصاعد لعدم توفر خاصية برايل في مفاتيحها ... و عدم وجود إعلان صوتي عند حركتها و و قوفها ... هل تعلم أن الأعمى في بلدنا لايستطيع عبور الشارع بدون مساعدة ... لعدم وجود تحذير صوتي في إشارات المشاة ... و لعدم تقيد سائقي السيّارات بالوقوف للمشاة ...
هذا غيض من فيض ... فأذانا لهذة الفئة المحببة كثير ... و ذلك لانعدام ثقافة المعاق لدى أفراد و مؤسسات المجتمع ... فهل لنا من قرارات شجاعة من البلديات و الطرق و المرور لتسهيل حياتهم ... اللهم اجعلنا مِن مَن يميط الأذى عن الطريق ... مرضاةً لوجهك ... و رغبةً في جنَّتك ... اللهم آمين ...
صدقت يااخي فيما كتبته وجزاك الله خيرا ام فهد الطرباق
ردحذف