الثلاثاء، 12 مارس 2013

أكْوان

لكلٍّ مِنّا كونه الخاص ... يرى الآخرين من خلاله ... حدوده ... مبادئ استقاها من البيئة من حوله ... أو رسمها لنفسه ... يحكم على الفعل من خلالها ... فالصواب ماكان داخل هذه الحدود ... و الخطأ ماتعدّاها ... ليحكم على الآخرين من خلال منظوره الخاص ... و عبر نافذته الوحيدة ...

تحت سقف المنزل الواحد ... تتجمّع أكوان عدّة ... تتضارب فيما بينها ... و تتعاضد مع بعضها ... يبدأ الطفل في تكوين كونه الخاص ... و هو لايزال رضيع في حضن أُمِّه ... حدود كونه هي الفاصل بين ضحكه و بكائه ... فهذه لغته .. ضحك ... صمت ... بكاء ... يخبرنا بضحكه أنّه راضٍ عن فعلنا ... و أن هذا الفعل  داخل حدود كونه ... و وِفق مبادئه ... صمته يخبرنا بأنَّنا لا نزال داخل تلك الحدود ... و بكائه يحذِّرُنا بأنَّنا تجاوزناها ... و أنّ علينا العودة داخلها ليرتاح ...  كلَّما كبر في العمر ... تغيّرت إهتماماته ... ليعدِّل من حدود مبادئه وفقاً لها ... ليزداد كونه اتساعاً ... و لغته تعقيداً ... حتّى يصل إلى مرحلة المراهقة ... لتتجدّد اهتماماته ... تزداد ... و تتعاظم ... لتتمدّد حدود كونه ... و تصل أَوَجَها ... ليزداد تداخل كونه مع غيره ... يتداخل مع أكوانٍ كثيرة ... ينجُم عنها إختلاف الآراء ... و تضارب المبادئ ... فهو يرى ما لا يرى أبيه ... و هي ترى ما لاترى أمّها ... لتزداد جُرعة العدوانيّة ... و تطول مرحلة العِناد ... حتّى تنحسر حدود هذه الأكوان ... و ترجع إلى طبيعتها ... و ينعدم تداخلها فيما بينها ... لكل رأيه ... و لكل نظرته ... و الجميع محترم لها ...

هذه فلسفة لتعامل أفراد بيت واحد ... تحدث في كل بيت ... و في كل زمان ... فما بالك بشعب كامل ... مليء باختلافات في جميع نواحي الحياة ... من الذي يحدِّد مبادئه التي يتقيد بها جميع أفراده ... يحتكم إليها عند الإختلاف ... و يتقوى بها عند التماثل ... من يرسم حدود كونه ... هل تعرِفون من؟ ... نعم إنّه الله ... رسم لنا حدوداً لا نتعدّاها ... في تعاملاتنا مع الجميع ... بين الزوجين ... مع الأبوين ... داخل الأسرة ...  بين الأقارب و الجيران ... مع الآخرين ... مع غير المسلمين ... بل حتى مع أعدائنا في زمن الحرب ... سبحانك اللهم و بحمدك ... أستغفرك و أتوب إليك ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قبل أن أكون

 قبل أن أكون يا ترى .. أين كنت قبل أن أكون؟ أكنت في عالم الذر بداية إلى أن كتب الله لأبي وأمي أن يلتقيا لأكون؟ نعم، لقد كنا أرواحا بلا أجساد...