البعض يفضل النوم حتى وقت متأخر ... يقوم بعد أن تغادر العصافير و كناتها ... بعد أن ترتفع الشمس ... و ترتفع حرارة الجو ... و البعض الآخر ... يشرق يومه قبل شروق شمسه ... و عدنان هو أحدهم ...
يحب عدنان الإستيقاظ مبكراً ... مبكراً جدّاً ... و بدون منبه ... تشرق شمسه الثالثة فجراً ... ليدخل الحمام ... يغتسل ببطء ... و يستمتع بمرور الماء على كل ذرة من جسده ... يشعر بدفء الماء و هو يخلصه من أدران جسده ... و أدران نفسه ... ليبدأ يومه نظيفاً ... طاهراً ... و بقلب أبيض ... قد جرف الماء الدافئ ... كل نكتة سوداء منه ... رسمها شخص ... أثناء يومه ... بفعلٍ أحمق ... يغلِّف جسده بوضوء طهور ... يحصِّنه قبل خروجه من الحمام ... يلبس لبساً مريحاً ... و يسترخي على كرسيه المريح ... بعد أن فتح باب الشرفة على مصراعيه ... و يستمتع باستنشاق بداية يوم ... بهدوء تام ... و هو يرمق المدينة أسفل منه ... من الدور العشرين ...
شارع النيل قليل الحركة ... عربات عدة تمرق بهدوء ... هناك بعض القوارب الصغيرة ... فاردة أشرعتها ... تمخر عباب النيل ... و في الأفق البعيد ... تبدأ أنواراً بالتألّق فُرادا ... تزداد أعدادها مع الوقت ... لتستيقظ مباني مدينة ... و يصدح أذان الفجر ليملء مسامعه ... يحتل فراغات نفسه ... و يشحن ذرات جسده ... بطاقة إيمانية كونية ... تساعده على بدأ يومه ... بسكينة ... و حب ...
يوقظ زوجته و إبنته ... يأمهم لصلاة الفجر ... و يتجه إلى كرسيه المريح في الشرفه ... ليملاء عينيه بمشاهدة جمال بداية اليوم ... تحضر له ليلى فنجان قهوته المعتاد ... و تجلس مع ابنتها بجانبه ... مستمتعين ببداية العرض اليومي ... و الذي لايملون من حضوره بصفة يومية ... منذ انتقالهم إلى شقتهم الجديدة ... التي يكسوها و يغلّفها الهدوء التام ... لعائلةٍ قد حباها الله بهدوء غريب ... و صمت محبب ... فالجميع ما عدا عدنان ... فاقد لحاسة السمع ... و يملك حاسةً نظر دقيقة ... فريدة ... يستمتعون بما يرون بطريقة تفصيلية ... لا نملك القدرة على الإحساس بها ... سبحان من أخذ و أعطى ... أنقص و أفاض ... و قَدِر و عاض ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق