الأربعاء، 17 أبريل 2013

كم من مرَّة

صغيراً كنت … و لا زلت … أحب أن أرافق والدي أَنَّا ذهب … فهو يعرفني على أماكن و أشياء لا أعرفها … الفرضة … الجرجور … صْحَيِّب البحّارة … بنك الأندوشين … البوم … دكان قطع الغيار … القهوة … سافكو … البرويقن … السفانية … الخفجي … النعيرية … الشيول … الساندبلاست … إلجَمَلِكَّا … السيل اويل … الكربوريتر ... البدراني … الصبيغاوي … قهوة معلّا … و الكثير الكثير …


معظمكم لا يعرف بعض ما ذكرت أعلاه … و لكنها تعني لي الكثير … فكم من يومٍ قضيته من شروقه إلى غروبه في فرضة الخبر … و الذي يبدأ من مبنى شرطة الخبر الحالي … و يمتد شرقاٍ في بحر الخليج … أرقب البحر من على حافة رصيف الميناء الصغير … لأرى الأسماك الكبيرة تلعب تحت أمواجه … و الدلافين ”صحيب البحّارة“ تقفز بحركات بهلوانيه … لجذب انتباهنا … و كم مرّة ركبت السفن الخشبية ”البوم“ و هي بجانب رصيف الميناء الإسمنتي … لأشعر بأنى في عالم آخر … حيث رائحة البحر … و ترانيمه … و كم من مرةٍ قيل لي أن ما أراه من بعيد … هو جرجورٌ ”سمك قرش“ كبير … 

وكم من مرةٍ ذهبت مع والدي إلى بنك الأندوشين … و الذي كان يقع بالقرب من موقع مستشفى السلامة الحالي … لاستلام بعض من المبالغ البسيطة … حيث نقف في الطابور … حتى يحين للمحاسب يعقوب أن يحول الورقة التي بحوزة والدي … إلى نقود نفرح بعَدِّها … وبعد زمن بسيط … يتغيّر مسمى بنك الأندوشين إلى البنك الفرنسي … و كم من مرّة اصطحبني والدي إلى قهوة الحضرمي … و التي تقع بالقرب من بنك الأندوشين … حيث وُضِعت طاولات قديمة … و كراسي أقدم … في فضاءٍ مفتوح … خارج مطبخٍ صغير … يقدِّم فيها صاحبها الحضرمي … الشاي و الشيشة فقط …  

و كم من مرّةٍ دخلنا محل قطع الغيار الصغير … لنطلب جَمَلِكّا ”غراء خاص بإصلاح السيارات ذو لونٍ بني غامق و رائحةً أخّاذة“ … و إصلاح كربوريتر ”مجموعة من قطع الغيار لإصلاح جهاز خلط رذاذ البنزين بالهواء“ … و سيل أويل ”قطع من المطاط أو الورق المقوى الخاص يوضع بين قطع الغيار لضمان عدم تسرب السوائل من خلال الفتحات بينها“ … 

و كم من مرّة ذهبنا في سيارة والدي البرويقن ”شاحنة من نوع دودج تدعى Power Wagon“ … قاصدين الخفجي أو النعيرية … مروراً بقهوة البدراني و الصبيغاوي و معَلّا و التي كانت تقع قريباً من محطّة أبو حدرية الحالية … لنقف في السفانية قليلاً و نواصل إلى الخفجي … لأرى كيفيّة إستخراج و غربلة رمال الصحراء … بشيول الكاتربلر و الغربال ”المنخل“ الحديدي البدائي … ليباع هذا الرمل المنخول لشركة أرامكو لاستعماله في سفع الأنابيب الحديدية الصدئة … ما يطلق عليه الساند بلاست ”رمل السفع“ … 

و كم من مرة قصدت مع والدي مصنع سافكو … لمقابلة المهندس فهمي … للإتِفاق على بعض الأعمال التي يقدّمها والدي لهم … لنقصد بعدها مطعم المصنع … لأنعم بالتهام بعضاً من البطاطا المقلية … و سندويتش الهمبورجر اللذيذ … و شرب قارورةً من الكوكاكولا الباردة … و كم … وكم … و كم …

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قبل أن أكون

 قبل أن أكون يا ترى .. أين كنت قبل أن أكون؟ أكنت في عالم الذر بداية إلى أن كتب الله لأبي وأمي أن يلتقيا لأكون؟ نعم، لقد كنا أرواحا بلا أجساد...