صغيراً كنت … و لا زلت … أحب أن أرافق والدي أَنَّا ذهب … فهو يعرفني على أماكن و أشياء لا أعرفها … الفرضة … الجرجور … صْحَيِّب البحّارة … بنك الأندوشين … البوم … دكان قطع الغيار … القهوة … سافكو … البرويقن … السفانية … الخفجي … النعيرية … الشيول … الساندبلاست … إلجَمَلِكَّا … السيل اويل … الكربوريتر ... البدراني … الصبيغاوي … قهوة معلّا … و الكثير الكثير …
معظمكم لا يعرف بعض ما ذكرت أعلاه … و لكنها تعني لي الكثير … فكم من يومٍ قضيته من شروقه إلى غروبه في فرضة الخبر … و الذي يبدأ من مبنى شرطة الخبر الحالي … و يمتد شرقاٍ في بحر الخليج … أرقب البحر من على حافة رصيف الميناء الصغير … لأرى الأسماك الكبيرة تلعب تحت أمواجه … و الدلافين ”صحيب البحّارة“ تقفز بحركات بهلوانيه … لجذب انتباهنا … و كم مرّة ركبت السفن الخشبية ”البوم“ و هي بجانب رصيف الميناء الإسمنتي … لأشعر بأنى في عالم آخر … حيث رائحة البحر … و ترانيمه … و كم من مرةٍ قيل لي أن ما أراه من بعيد … هو جرجورٌ ”سمك قرش“ كبير …
وكم من مرةٍ ذهبت مع والدي إلى بنك الأندوشين … و الذي كان يقع بالقرب من موقع مستشفى السلامة الحالي … لاستلام بعض من المبالغ البسيطة … حيث نقف في الطابور … حتى يحين للمحاسب يعقوب أن يحول الورقة التي بحوزة والدي … إلى نقود نفرح بعَدِّها … وبعد زمن بسيط … يتغيّر مسمى بنك الأندوشين إلى البنك الفرنسي … و كم من مرّة اصطحبني والدي إلى قهوة الحضرمي … و التي تقع بالقرب من بنك الأندوشين … حيث وُضِعت طاولات قديمة … و كراسي أقدم … في فضاءٍ مفتوح … خارج مطبخٍ صغير … يقدِّم فيها صاحبها الحضرمي … الشاي و الشيشة فقط …
و كم من مرّةٍ دخلنا محل قطع الغيار الصغير … لنطلب جَمَلِكّا ”غراء خاص بإصلاح السيارات ذو لونٍ بني غامق و رائحةً أخّاذة“ … و إصلاح كربوريتر ”مجموعة من قطع الغيار لإصلاح جهاز خلط رذاذ البنزين بالهواء“ … و سيل أويل ”قطع من المطاط أو الورق المقوى الخاص يوضع بين قطع الغيار لضمان عدم تسرب السوائل من خلال الفتحات بينها“ …
و كم من مرّة ذهبنا في سيارة والدي البرويقن ”شاحنة من نوع دودج تدعى Power Wagon“ … قاصدين الخفجي أو النعيرية … مروراً بقهوة البدراني و الصبيغاوي و معَلّا و التي كانت تقع قريباً من محطّة أبو حدرية الحالية … لنقف في السفانية قليلاً و نواصل إلى الخفجي … لأرى كيفيّة إستخراج و غربلة رمال الصحراء … بشيول الكاتربلر و الغربال ”المنخل“ الحديدي البدائي … ليباع هذا الرمل المنخول لشركة أرامكو لاستعماله في سفع الأنابيب الحديدية الصدئة … ما يطلق عليه الساند بلاست ”رمل السفع“ …
و كم من مرة قصدت مع والدي مصنع سافكو … لمقابلة المهندس فهمي … للإتِفاق على بعض الأعمال التي يقدّمها والدي لهم … لنقصد بعدها مطعم المصنع … لأنعم بالتهام بعضاً من البطاطا المقلية … و سندويتش الهمبورجر اللذيذ … و شرب قارورةً من الكوكاكولا الباردة … و كم … وكم … و كم …
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق