منغمس في ملذّاته ... مُشْبِعٌ جميع أحاسيسه ... كلٌ يناديه بأحسن أسمائه ... للقدوم إلى اقتراف معاصيه الكثيرة ... يشعر بالسعادة الزائفة ... طالما هو مع ندمائه ... و عندما يعود إلى بيته ... تبدأ النفس اللوّامة ... و ينكشف أمام نفسه ...و تبين له حقيقته ...
ينام طول يومه ... و يسهر طول ليله ... في هذا اليوم ... نام طويلاً ... استيقظ من نومه بعد منتصف الليل بساعات ... و قد فاتته أحد سهراته الماجنة ... يسحب جواله ... هناك العشرات من المكالمات الواردة ... من جميع ندمائه ... يدخل الحمام ... يغتسل ... يلبس ثوباً مريحاً ... يصنع لنفسه كوباً من القهوة ... يتجه إلى الصالة الكبيرة في الطابق الثاني ... يفتح الباب الزجاجي الكبير المؤدي إلى الشرفة ... يخرج ... الليل في نهايته ... القمر مرسلٌ أشعّته لتنعكس على سطح البحر القريب ... يملء ناظريه من هذا المنظر المريح ... و أذنيه من هذا الهدوء التام ... يعُبُّ من الهواء العليل ليملأ رئتيه ... يحبسه لنصف دقيقة مستمتعاً بهذا النقاء الفطري ... يطلقه مصحوباً بأفكاره السيئة و نيّاته الخبيثه ...
يبدأ يرتشف من كوب القهوة ... مستمتعاً برائحتها الأخّاذة و طعمها القوي ... مفكِّراً في حاله ... ماذا بعد؟ ... هل هذه الحياة التي أرغب بها؟ ... هل السعادة الزائفة هي ما أصبو إليه؟ ... إلى متى وأنا أخالف طبيعتي؟ ... إلى متى و أنا أكابر نفسي ... و أجبرها على فعل أشياء قد تُسعدها مؤقتاً ... و لكنها تطبع في إحساساً كبيراً بالذنب؟ ... متى أعود لنقاء سريرتي و صفاء ذهني و حسن نيتي؟ ... لماذا أُسَوِّف رغبتي الصادقة لتعديل اتجاهي؟ ... متى أرتاح من ندماء الشهوة و أصدقاء المتعة؟ ... يرفع نظره إلى السماء ... و في قلبه حسرة ... و ندم ... و حب ... و رغبةٌ في التوبة ... ليناديه منادى السماء ... "الله أكبر ... الله أكبر ... الله أكبر ... الله أكبر" ... يصغي إلى الأذان و كأنّه يسمعه لأول مرة في حياته ... "أشهد أن لا إله إلا الله ... أشهد أن لا إله إلا الله" ... تتملك تلك الكلمات كيانه فيذوب معها ... "أشهد أن محمداً رسول الله ... أشهد أن محمداً رسول الله" ... يستشعر رسوله العظيم ... فتأخذه رجفة ... و يتملكه حب لرؤية و جهه الكريم ... "حيى على الصلاة ... حيى على الصلاة ... حيى على الفلاح ... حيى على الفلاح" ... سبحان الله ... هذا ربه الأعلى يدعوه و يناديه إلى فلاحِه ... تنتابه قشعريرة و ندم على عدم تلبيتة هذا النداء الكريم في السابق ... "الصلاة خير من النوم ... الصلاة خير من النوم" ... لتنفجر دموعاً حبيسة ... تصارع شهواته منذ زمن ... و قد تغلبت عليها هذه الليلة ... "الله أكبر ... الله أكبر" ... يردِّدها خلف المؤذِّن ... "لا إله إلاّ الله" ... حقّاً لا إله إلاّ الله ...
جميل جدا. يعجبني تنوع مواضيعك وفيض عطاءك. ما شاء الله لا قوة الا بالله.
ردحذفجميله جدا ابي تعجبني طريقة كتابتك سلسه جدا
ردحذف