الثلاثاء، 12 فبراير 2013

خبرة و لغة

سالم ... شاب في عنفوان شبابه ... يكافح في الثانوية العامة ... لينال مجموعاً يؤهله لدخول الجامعة ... أملاً في أن يتخرّج بمجموع يؤمِّن له وظيفةً ... تعينه على مساعدة والده البسيط ... و تكون سبباً في ارتباطه بفتاة أحلامه ... حلم معظم شباب الوطن ...

يؤهله مجموعه لدخول كلية إدارة الأعمال في جامعة الملك فيصل في الأحساء... تخصص محاسبة ... ليبدأ مرحلةً جديدةً في حياته ... مرحلةً سوف تستمر لخمس سنوات قادمة ... تحدِّد مستقبله ... و قدرته على دخول سوق العمل من عدمه ... ليبدأ نشيطاً متحفِّزاً عازماً على بذل مجهود خارق ... لينهى الفصل الأول بامتياز ... و ينهي السنة التحضيرية بمعدل تراكمي جيد جداً ... يؤهله لتغيير تخصصه إلى كلية الهندسة ... و لكنه يقرر الإستمرار بخياره الأول ... ليبدأ الفصل الأول من حياته الأكاديمية المعتمدة في قسم المحاسبة ...و ينهي الفصل الثامن بامتياز ... ليتخرج بشهادة بكالوريوس إدارة أعمال تخصص محاسبة ... و من هنا تبدأ المعاناة ...

فور حصوله على الشهادة الجامعية ... بدأت رحلة البحث عن العمل ... عن جهة حكوميّة أو أهلية توفِّر له وظيفة تليق بمؤهلاته ... و تدفع له راتباً يساعده على توفير لقمة العيش ... و ادخار القليل ليوم زواجٍ قادم ... أدرج أسمه في قائمة الخدمة المدنية ... و وضع ملفّاً لدى كل شركة أهلية ... من حدود الأحساء ... مروراً بالظهران و الخبر و الدمام ... و انتهاءاً بالجبيل ... 

مرت أيّاماً ... فشهوراً ... و ابن الوطن في انتظار رد على طلبه من الشركات التي تجاوزت المائة ... و التي يقبع ملف سالم في أحد أدراجها ... و تحت رحمة أحد موظّفيها ... بلا فائدة ... يقرِّر سالم أن يزور هذه الشركات واحدةً واحدة ... ليتحدّث مع مسؤولي التوظيف ... لعل و عسى ... يبدأ بشركة أرامكو ليقابل بالرفض لضعف لغته الإنجليزية ... و التي تعتمد عليها الشركة اعتماداً كاملاً في القيام بأعمالها ... في جزيرة العرب ... منبع اللغة العربية ... و مهد الإسلام ... و منزل القرآن ... ليخرج منها محبطاً ... يُعَرِّج على شركة كهرباء الشرقية ... ليلاقي رفضاً مماثلاً لنفس السبب ... يقصد الجبيل ... جميع شركات سابك ... نفس الرد ... 

ينتهي من الشركات الكبيرة ... ليبدأ بالشركات المتوسطة ... ليجد سبباً آخر للرفض بالإضافة إلى ضعف اللغة ... ألا و هو اشتراط الخبرة العملية ... يا الله! ... كيف يحصل على الخبرة إذا لم يتم توظيفه بدأً؟ ... هذه معضلة الدجاجة و البيضة ... من سبق الآخر الدجاجة أم البيضة؟ ... الشركات الصغيرة تعرض عليه وظيفة لاتليق بمستواه العلمي و براتب متدنٍّ ...

يضع سالم شهادته في بروازٍ جميل ... و يعلِّقها على جدار المجلس ... ويبدأ عمله الجديد ... في توصيل الأفراد بسيّارته الخاصَّة ... معظمهم موظفين رسميين في شركات كبيرة و قطاعات حكومية ... من غير أبناء الوطن ... ؟؟؟ ...

هناك تعليق واحد:

  1. رهيبه "من غير ابناء الوطن". مفاجأه للقارئ. جميل جدا.

    ردحذف

قبل أن أكون

 قبل أن أكون يا ترى .. أين كنت قبل أن أكون؟ أكنت في عالم الذر بداية إلى أن كتب الله لأبي وأمي أن يلتقيا لأكون؟ نعم، لقد كنا أرواحا بلا أجساد...