الثلاثاء، 5 فبراير 2013

حنين

أبو نمر ... رجل في الخمسينات من عمره ... لايزال على رأس العمل ... يترقب اليوم الذي يحوز فيه على حريته ... ليتقاعد من عمله ... و يتفرغ لعمل ما يحب ... فلا يزال لديه الكثير من الكتب لقراءتها ... و الكثير من الكتب لكتابتها ... و الكثير من الأفكار ليبلورها ...

يحن إلى زمن مضى ... و تاريخ انقضى ... يجمع شتات ذكريات يوثقها في مدونته ... وهي تكبر مع الأيام ... و كأنها كائن حي ... تتعلّم ببطء من مدرسة التاريخ ... لِتَلُمَّ ما تَفَلَّت ... تحفظ ما حضر .. و توثق ماكان ... و حال نفسه يقول ... ليت الزمان يعود ... لأحصل على ما تلاشى من الذاكرة ... ألتقط صوراً شتى لحياتنا ... و ضجيج حارتنا ... لبحرنا و طعوسنا ... لبيوتنا و جيراننا ... لنا ... كما كُنّا ...

يبحث في صوره القديمة ... يُخرِجُ أحد أحفاده صورةً قديمةً له ... صورةً له أيّام الشباب ... يسأله "جدي ... هل ترغب في أن تعود شاباً ... قويّاً كما كنت ... و تعود لتعيش حياتك من جديد" ... بإصرارٍ و وضوح يقول أبا نمر ... "أبداً ... لا أرغب في ذلك" ... يتعجب الحفيد ... فهو يعلم شغف جده بماضيه ... يسترسل أبو نمر ..."يابني ... لاأرغب بذلك لسببٍ بسيط ... فما أنا عليه الآن... أفضل آلاف المرات مما كنت عليه أيّام الشباب ... فقبل أربعين عاماً ... كنت جزءاً بسيطاً لايُذكر مما أنا عليه الآن ... فكل حدث عاصرته ... كل مشكلةٍ واجهتها ... و كل شخص تعاملت معه ... نحت جزءاً من شخصيتي ... كنت إبناً ... طفلاً ... مراهقاً ... شابّاً ... رجلاً ... زوجاً ... أباً ... لأنتهي لما أنا عليه الآن ... جدّاً لحفيد جميل ... هو أنت ...  فما أنا إلّا كَمٌّ كبير من أجزاء حياتي التي عشتها ... و التي لا أرغب في التخلي عن أي جزءٍ منها ... أبداً ... أبداً" ...

هناك تعليقان (2):

  1. اسال الله ان يطيل في عمرك وينلك ما تحب.

    ردحذف
  2. جميله جدا.


    والنهايه احلى. دمت سالما

    ردحذف

قبل أن أكون

 قبل أن أكون يا ترى .. أين كنت قبل أن أكون؟ أكنت في عالم الذر بداية إلى أن كتب الله لأبي وأمي أن يلتقيا لأكون؟ نعم، لقد كنا أرواحا بلا أجساد...