صغيراً كنت ... و لازلت ... أبي متواجد في البيت بعد الحادث ... يتعافى ببطء ... فبالرغم من فداحة الحادث ... و ألم والدي ... إلاّ أني كنت سعيداً بتواجده معنا طيلة اليوم ... فليس من العاده رؤيته خلال النهار ... أتحدث إليه كثيراً ... و ألعب عنده ببرائة طفوليه ...
أمي الحبيبه ... تعالج والدي ... تنظف جروحه و تغير له ... ليس في حاجة للذهاب إلى المستشفى ... فهي تبذل قصارى جهدها ... في معالجته ... و خدمته ... و القيام بمتطلباته ... أساعدها أنا و إخوتي حسب قدرتنا ... نحاول دائماً عدم إزعاج والدي ...و إذا أسدل الليل أستاره ... نقرأ له من مجموعة مجلاته و كتبه ... لتبديد بعض القلق عنه ... فصرنا نتحلق حوله جميعاً كل ليله ... نتحدث و نقرأ ... أوقات جميله ... تجمعنا كأسرة ... معاً في السرّاء و الضراء ... حتى أختي الكبرى ... المتزوجة حديثاً ... تحضر إلينا بشكل اسبوعي ... و تمكث أيام عده ... جدتي لم تفارقنا منذ الحادث ... تقضي جل وقتها في الصلاه ... و التسبيح ... و الدعاء لوالدي ...
يطلب مني أبي أن أجلس على كرسيه من بعد صلاة العصر ... و يعطيني جميع أقلامه و أوراقه و ألوانه و عدته ... و يسمح لي باستعمال طاولة الرسم خاصته ... يفتح لي مجالاً جديداً تحول إلى هواية لاحقاً ... أرسم و ألون ... وأبي هو معلمي ... يدلني على طرق التلوين و الرسم ... حالة خاصه بين أبٍ و صغيره ... تمنيت أن تدوم طويلاً ... رسمت أول مخطط لبيت صغير في تلك الأوقات ... و أنا لاأزال في الصف الثاني إبتدائي ... و ناقدي و معلمي هو أبي الحبيب ...
تتحسن حالة أبي كل يوم ... حتى استعاد كامل قواه في غضون شهر ... كنا فرحين له ... منزعجين لأنه سوف يعود إلى قيادة الشاحنه ... بعد إصلاحها ... ولن نراه كثيراً بعد اليوم ... و في نفس الوقت ... خائفين عليه ... من حادثٍ آخر ... ولايبدد قلقنا ... إلا رجوعه سالماً في آخر الليل ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق