الاثنين، 30 يوليو 2012

٩٠- نيزه

صغيراً كنت ... و لازلت ... الذهاب إلى شاطئ البحر ... مع جميع أفراد العائله ... متعةً لاتوازيها متعه ... حيث التحرر من قيود المكان و الزمان ... أنطلق على الشاطئ الرملي النظيف ... ماء البحر يمتد بين الفينة و الأخرى ليداعب قدمي ... و رذاذ الماء يلطف من حرارة الجو ...

أبي لابساً وزاراً و فنيلة بيضاء ... حاملاً معه رمحاً حديدياً ندعوه "نيزه" ... حيث يأخذ والدي صيخاً حديدياً ... و يبرد أحد طرفيه ... ليحوله إلى رمحٍ قاتل ... يعطيني نيزةً ... و أمشي معه على الشاطئ مبتعدين عن الآخرين ... لتفادي الإزعاج الذي قد يعيقنا عن الحصول على مبتغانا ...

ندخل البحر ... الماء إلى منتصف ساقينا ... أتبع أبي لأتعلم منه فن صيد القباقب ... يقف ... مركزاً على أرضية البحر ... يمشي بخطواتٍ بطيئة جداً ... مع الحرص على عدم إحداث أي إزعاج ... فجأه يؤشر لي بيده بعدم الحركه ... يرمي النيزه بقوه فترتكز في أرضية البحر ... يسحبها و يخرجها من الماء ... و في طرفهاً قبقباً كبيراً ... أركض ناحيته متأملاً في هذا الصيد الغريب ... ذو الأرجل الكثيره ... و الفكين القوييين ... يسحبه أبي من النيزه ... و يرمي به إلى خارج الشاطئ ... و يستمر في البحث عن قبقبٍ آخر ...

أحاول أن أجد صيداً كوالدي ... و لكني لاأرى شيئاً ... ألزم والدي متابعاً تحركاته ... فجأه ... يقف ... و يؤشر لي إلى بقعة مختلفه عن لون رمال أرضية البحر ... فأرفع نيزتى و أرميها بقوه ... فترتكز في رمال البحر ... و يهرب القبقب من دون أن أصطاده ... فاستعمال النيزه فنٌ يحتاج إلى تدريب ... و الصيد بها ليس سهلاً ... كما يفعل أبي ... و لكني مصرٌ على أن أصطاد واحداً ... فأمضي معظم الوقت مركزاً أبحث عن صيد ... مهلاً ... هناك قبقباً كبيراً ... أتحرك ببطءٍ شديد إلى أن اقتربت منه ... أحبس أنفاسي ... و أرفع النيزة عالياً ... و أسدد بتركيز شديد ... حتى ارتكزت النيزه في قاع البحر ... أسحبها مؤملاً أن أكون قد فزت بصيدٍ هذه المرَّة ... يالشدة فرحي ... فقد فعلتها أخيراً ... واصدت قبقباً كبيراً جداً ... أحضره إلى أبي ليساعدني في سحبه من النيزه ... يضحك والدي فرحاً ... يسحبه و يرمي به بجانب زملائه ... سنتمر كذلك إلى أن تقرب الشمس من الغروب ... نضع صيدنا في ماعون ... و نعود أدراجنا إلى حيث أمي و أخواتي ... بهذا ينتهي يومنا ... بصيدٍ وفير ... و سعادةٍ حقيقيه ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قبل أن أكون

 قبل أن أكون يا ترى .. أين كنت قبل أن أكون؟ أكنت في عالم الذر بداية إلى أن كتب الله لأبي وأمي أن يلتقيا لأكون؟ نعم، لقد كنا أرواحا بلا أجساد...