الأحد، 29 يوليو 2012

٨٦- جدتي

صغيراً كنت ... و لازلت ... جدتي ... والدة أبي ... ألجأ إليها لأستقوي ... عندما تنقلب العائلة ضدي ... تحميني من الغير ... الكل يقف عند أمرها ... إذا أحسستُ أني قد عملت خطأً يستحق العقوبة من والدَي ... فهي ملاذي الحصين ... رحمها الله رحمةً واسعه و أسكنها فسيح جناته ...

رزقها الله إبناً واحداً هو والدي و بنتاً واحدة ... دائمة التنقل بين الإثنين ... تتواجد دائماً عند الحاجة إلى دعمها ... دائمة الصلاه و التسبيح و الدعاء ... حريصة جداً على الصلاه و النظافه ... تحبني كثيراً ... بعد أن استقللت في بيتي الخاص ... كانت تجلس عندي أكثر الوقت ... و تملك غرفة فيه ... رحمها الله و رزقها الفردوس الأعلى ... اللهم آمين ... طلبت مني مرافقتها لأداء العمره ...و ذلك بالرغم من صغر سني ... و كبرها ... ... في العاده ... كبار السن لايحبذون أن يهتموا بطفل صغير ... خصوصاً في السفر ... و لكني أقدر لها صبرها علي و تحملها لي ... جزاها الله عن ذلك عظيم الجزاء ... أذكر أنها تُبْقي شيئا من إفطارها ... حتى تعطيني إياه ... بعد أن أستنفذ طاقتي من اللعب ... و تأخذني معها حيث ذهَبَت ... خوفاً من أن يصيبني مكروه ... في غيابها ...

كانت أمنيتها أن تتعلم قراءة القرآن الكريم ... فالتحقت بمحو الأميه ... و ذلك بعد التحاقى بالجامعه ... و قد مضى من عمرها أكثر من ثمانين عاماً ... و من القصص الطريفه في ذلك ... أنها كانت تذهب إلى جارتنا المصريه المسيحيه ... لتعلمها قراءة القرآن ... واستمرت على ذلك فترة طويله ... حيث تأخذ معها دلة القهوه ... و تغدو إليها بصفه يوميه ... و جارتنا تبذل جهداً جهيداً معها و لم تقصر في ذلك ... بعد فتره ... انتقلت جدتي للمكوث في منزل عمتي ... كعادتها ... و انقطعت عن الذهاب لدى جارتنا ... و بعد ثلاثة أيام من انقطاعها ... أتت إلينا جارتنا ... و رأسها يؤلمها ... ... بحثاً عن فنجانٍ من القهوه ...

هذا يوضح لنا بساطة الناس في ذلك الوقت ... و معدنهم الأصيل ... و قلوبهم البيضاء ... حيث لاتفرق بينهم الإنتماءات الدينيه ... أو الجغرافيه ... و ذلك بالرغم من تدينهم الشديد ... فالجار له مكانه خاصه ... مهما كان ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قبل أن أكون

 قبل أن أكون يا ترى .. أين كنت قبل أن أكون؟ أكنت في عالم الذر بداية إلى أن كتب الله لأبي وأمي أن يلتقيا لأكون؟ نعم، لقد كنا أرواحا بلا أجساد...