الجمعة، 11 يناير 2013

١٧٧- دحروج

سعد ... طفل مثل بقية أطفال القرية ... يحب أن يخرج من البيت ... و يلعب مع أقرانه ... في طرق الحارة الرملية الضيقة ... يركض معهم ... يمارس شقاوته و يعبِّر عن طفولته ... بعيداً عن جو البيت الخانق ...

والد سعد رجلٌ شديد ... يرى ولده من خلال عادات و تقاليد بالية ... يحاسبه على كل كلمة ... و كل حركة ... فبالنسبة له ... مبادئ الرجولة الفجّة هي الطريق ... و على الجميع التقيد بها ... مبادئ لاحدود لها ... فهو يخشى دائماً من أن يكون حديث المجالس لعدم التزامه بها ... يرى أن الجميع يرقبه و يحسب عليه تصرفاته ... لدرجة أزعجته و أزعجت من حوله ...

دائماً مايخرج سعد خِلسةً من البيت ... بدون علم والده ... ليلعب مع صديقه ... و مخزن أسراره ... إبراهيم ... إبن جارهم ... لصيق بيتهم ... حيث خبأ سعد دحروجه عند إبراهيم ... خوفاً من والده ... الذي لايسمح له باللعب ... خشيةً من كلام الناس ...ليأد طفولةً تتفجَّر ... و ابداعاً ليس له حدود ... وزعزعة ثقة قاتلة ... 

يرى سعد الأطفال من حوله ... يمرحون و يلعبون بمباركة من أهاليهم ... بينما تم حرمانه من القيام بما يُحِب ... يجلس معظم و قته في المجلس ... بين رجالاً كباراً ... لا يفهم لغتهم و لايفهمون لغته ... كأنه من كوكب اخر ... إستُعبِدَ ليقوم على خدمتهم ... و الإستماع إلى أحاديثهم المُمِلَّة ... 

لظروف عمل والد سعد ... رحلوا من قريتهم الصغيرة ... و غادروا إلى المدينة الكبيرة ... حيث استمرت عبوديّة سعد لهذه التقاليد البالية ... حتى شب و كبر و تزوج و أصبح أباً لولدين ... أغدق عليهم عطفاً و حناناً فقده في طفولته التي لم يعشها ... فقد وُلِد رجلاً ... و شاخ رجلاً ...

و في زيارةٍ لحارتهم القديمة مع زوجته و إبناه ... قاصِداً صديق طفولته إبراهيم ... عادت إليه ذكرياته الحزينة ... و باستغرابٍ من الجميع ... أخرج إبراهيم دحروجاً قديماً ... أخذه سعد و قام يلعب به في الطريق الرملي الضيق ... أمام الجميع ... و هو يضحك غير مبالياً بكلام الناس ... انضم إليه إبراهيم و إبناه ... ليشاركوه طفولةً لم يعشها ...

هناك 3 تعليقات:

  1. رائع والله يا بو فهد. للامام كما انت دائما.

    ردحذف
  2. جميله جدا ياأبي



    ابنتك

    شمسه

    ردحذف
  3. ممتاز...اشكرك على حفاظك علة مصطلحاتنا القديمه مثل كلمة "دحروج"

    ردحذف

قبل أن أكون

 قبل أن أكون يا ترى .. أين كنت قبل أن أكون؟ أكنت في عالم الذر بداية إلى أن كتب الله لأبي وأمي أن يلتقيا لأكون؟ نعم، لقد كنا أرواحا بلا أجساد...