١٨٤- يوميات

يقوم كعادته مبكِّراً ... يلتفت ناحية الساعة الألكترونية ... أرقامها الحمراء تشير إلى الساعة الرابعة فجراً بالتمام ... يقف ... يسحب جواله من الشاحن ... يضغط عليه لينير له الطريق ... يفتح باب الغرفة بهدوء كي لايزعج زوجته ... يخرج و يغلق الباب خلفه ...

يلتفت يساراً ناحية أدراج المطبخ الصغير ... إبريق صغير فوق عين الموقد الكهربائي الصغير ... يُشعل الموقد على درجة حرارة خفيفة ... لكي يتسنى للماء أن يصل إلى درجة الغليان خلال نصف الساعة القادمة ... يدخل الحمام ليغتسل و يتوضاء ... يخرج ... يبدل ملابس النوم بأخرى مريحة ... في تمام الرابعة و النصف تماماً ... يصنع له قدحاً من القهوة القوية ... يطفئ الموقد الكهربائي ... يقصد مكتبه البيتي الصغير ... يشعل النور ... يشغل كمبيوتره الصغير ... يصلّي صلاة الوتر ... يجلس يرتشف قهوته ... يتصفح بريده ...  يقرأ القرآن لحين أذان الفجر ... يصلي صلاة الفجر ... ثم يبدأ يكتب مايجول في خاطره ... يترك الحرية لتفكيره ... ويطلق العنان لخياله ... يأخذه حيث يشاء ... و يدور به حيث يريد ... يأخذه في رحلةٍ عبر الماضي البعيد ... ليعود به ليوم أمس ... ليتقدَّم معه إلى المستقبل ... يطير به عبر المجموعة الشمسية ... ليلامس كوكب زحل ... و ينطلق منه إلى مجرَّة الأندروميدا ... يحس براحةٍ كبيرة ... تفتح له كتاباته باب حريةٍ واسع ... لايجد له مثيلاً على سطح البسيطة ... لا يحس بها إلّا من هم على شاكلته ...

هذا يوم من أيامه ... مواعيد دقيقه ... و نشاطات كثيره ... وقوده فيها شرارة الإبداع التي تكونت منذ زمن ... و لاتزال ... و هو يحاول أن يحافظ عليها من محبطات كثيرة ... تحاول إخمادها ... محبطات من داخله ... تحضُّه علي التسويف ... الذي دائماً ما يحاربه ... و على قتل المبادرة ... التي دائماً ما يدعو إليها ... صراع داخلي رهيب استطاع أن يقضي عليه ... بدعمٍ ممن حوله ... و مباركة من متابعيه ... و حب كبير يحيط به يزيده تحفيزاً و نشاطاً ... بدأ موضوعه الجديد لهذا اليوم ... غَيَّرَ عنوانه أكثر من مرَّة ... ليستقر في النهاية على تسميته "يوميات" ...