الأربعاء، 16 يناير 2013

١٨٣- أدرينالين

سامي ... شابٌ مُحِب للحياة ... و مُغرمٌ بالمغامرات ... دائماً مايقوم بعمل مايخشاه الآخرون ... يتلذَّذ بارتفاع مستوى الأدرينالين في دمه ... يتلذذ بالشعور الذي يتعدى عتبة الخوف لديه ... شجاعٌ لدرجة كبيرة ... يرمي نفسه في المهالك بلا أدنى تردُّد ...

دائماً مايحذِّره والداه من عواقب أفعاله ... و لكن لا حياة لمن تنادي ... و كأنهم يؤذنون في مالطة ... إذا خرج سامي من البيت ... يضعون أياديهم على قلوبهم لحين عودته ... لهذا السبب لم يشتري له والده سيارة ... خوفاً من تهوِّره ... 

في داخله طاقةٌ عجيبة ... و إبداعٌ مكتوم ... لم يجد من يأخذ بيده للإستفادة منها ... فشابٌ مثل سامي ... يستطيع و بدون شك أن يتغلَّبَ على الكثير من الأبطال العالميين في أكثر من مجال ... قيادة الدراجات الناريه تستهويه كثيراً ... سباق الفورمولا ون من أحب السباقات لديه ... القفز بالمظلّة يُشعِرُهُ بالسعادة ... تسلُّق الجبال لايزال حلماً من أحلامه ... يحلم بتسلُّقِ الجبال الجليدية في القطب الشمالي ... و بالقفز من إرتفاع أعلى من ما حقَّقَه فيلكس النمساوي ... يراوده حلم الإمساك بتمساح حي ... و أفعى كبيرة ... غرفته مليئة بصور المغامِرين و المغامِرات ... طاقة من الإبداع و القوّة و الشجاعة و اللياقة ... مهملة من الجميع ... من عائلته ... من مدرسته ... من رعاية الشباب... شيء مؤسفٌ حقّاً ...

حتى أثناء نومه ... هو في حركة دائمة ... حسّاس لأقل حركة ... و أدنى درجةٍ من الإزعاج ... لم يشعر براحة النوم قط مثل الأشخاص العاديين ... ينام متأخِّراً و يصحو مُبَكِّراً ... كأنه جهازٌ ألكتروني ... يحتاج لقليل من الشحن ... ليعمل طول النهار و الليل ... بأقصى طاقته ... لا يعلم سامي سبب هذه الطاقة العجيبة ... و لكنه دائماً ما يُصاب بالإحباط من جميع من هم حوله ... لم يجد تشجيعاً قط ... و لا أذن مصغية ... لديه الكثير ليقوله ... لكنه لم يجد الكلمات التي تساعده على التعبير عن ذلك ... عدا القيام بما يحب و ما يعشق ... و الإقدام على كل ماهو خطر و ما يخشاه الناس ...

صباح أحد الأيّام ... يخرج سامي مع زميله نور ... على ظهر دراجة نارية من نوع هارلي ديفدسون ... يقصدون الطريق المؤدّي للرياض ... و يقود نور الدرّاجة بأقصى سرعتها ... يتلذَّذ سامي بهذه السرعة العالية ... طالباً من نور أن يزيدها ... فجأة ... إذا بحجر متوسط الحجم يعترض طريقهما ... ليحوِّلا مسارهما إلى جانب الطريق ... يستمرون ليدخلوا في المساحات الرملية الفارغة ... و تنقلب الدراجة ... ليتطايرون كلٌّ إلى جهة ... يتقلّب سامي مرّات عدة ... حتى يستقر فوق كثيب رملي ... ليُغمى عليه ... يقوم نور بصعوبة ... يستنجد بأحد السيارات ... لينقل سامي إلى أقرب مستشفى ... 

بعد أيّامٍ عدة ... يخرج سامي من المستشفى ... و هو لا يزال يشعر بطاقته المعهودة ... سليم الجسم ... ماعدا أنَّهُ لايسمع شيئاً ... لايسمع شيئاً أبداً ... فقد أثَّر الحادث على أذنه الوسطى ... و لم يعد في قدرته سماع ذبذبات الصوت ... أي صوت ... و مع هذا فهو فرح و مُقبِلٌ على الحياة كعادته ... لم يعد في قدرة الآخرين إسماعه مايسوءه ... بالنسبة إليه ... فقدانه للسمع ... أكسبه قدرة عظيمة على تلافي التعليقات المحبطة ... و قدرة كبيرة على النوم المريح ... نظرَةٌ إيجابيَّة لواقعٍ أليم ... 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قبل أن أكون

 قبل أن أكون يا ترى .. أين كنت قبل أن أكون؟ أكنت في عالم الذر بداية إلى أن كتب الله لأبي وأمي أن يلتقيا لأكون؟ نعم، لقد كنا أرواحا بلا أجساد...