عاشت معهم سنين طويلة ... تعودت على ترديد أصواتهم ... على ضحكات صغارهم ... و لعب الكرة مع أطفالهم ... تحتويهم عندما يسدل الليل أستاره ... تستر عليهم و تحرسهم عندما تُغْمِضُ أعينهم ... تُوزِّع نشاطاتهم على أرجاء البيت ... و لكنها حزينةً ليلة البارحة ...
فجأة ... إذا بمن تسهر عليهم و تحرسهم ... يحزمون أغراضهم و يلملمون أشيائهم... و هم في عجلةٍ من أمرهم ... تركوا قديم المتاع ... و أخذوا جديده ... عرَّوها من غطائها ... و من دفئها ... ليذهبوا إلى هناك ... بعدما شاخت و ترك الزمن عليها أثره ... إذا هم يبحثون عن الجديد ... يتركونها خاليةً تشعر ببردٍ قارس ... و بهدوء مزعج ... لم تعتد عليه ... لسنواتٍ طويلة ... لتبكي بصوت صفير الرياح من خلالها ... و تموت بهروب الدفء من جنباتها ... لاتعلم ذنباً لها غير أنها كانت تحبهم جميعاً ... و لم لا يتركوها ... و هي ليست إلّا مجرّد جدران قديمة ... قد تَغَيَّر بياضها ... و زادت تشققاتها ... و مع ذلك فإنها لاتزال تحبَّهم ... لا تزال تحب تاريخاً عاشته معهم ... و ذكريات عاصرتها بوجودهم ... لاتزال تذكر ولادة الصغير ... و زواج الكبير ... لاتزال صورة أيّامً قضوها بين جنباتها ... تتردّد في مساحاتها الخالية ... لا يزال روتين حياتهم اليومي يتمثّل لها كل يوم ... في فتح باب ... و أثر خطوةٍ ... و صوت تلفاز ... و حديث نهار ... و حكاية ليل ... ترجوهم أن يبادروا بكتابة تلك الأيام ... لحفظها من النسيان ... فالحكايات فيه تتحدث ... و الأفراح ترقص ... و الألم يإن ... و الحزن يبكي ... و الأمل يضحك ... و المستقبل يدعو ... و الماضي يحن ...
هذا صوت جدران منزل قديم ... تركه أهله و انتقلوا إلى آخر جديد ... يدعوهم لتخليد أيامه ... و كتابتها بين دفَّتي كتاب ... ليبقى موجوداً في الذاكرة ... مع من يحبهّم و يحبّونه ... تخليداً لزمن مضى ... و توثيقاً لتاريخٍ قضى ... بارك الله لهم في جديد منزلهم ... و أنزل عليهم الرحمة و السكينة ... اللهم آمين ...
اعشق كتاباتك وسردك الدقيق للاحداث بوركت يااخي الحبيب
ردحذفكلماتك تصور لنا الأحداث وكأننا نراها بأعيننا...رائع
ردحذفأختك
أم خالد
جميل جدا.
ردحذف