صغيراً كنت ... و لازلت ... أصحو مبكِّراً لاستغلال يومي ... في إسعاد نفسي و إسعاد من حولي ... أحب صوت زقزقة الطيور و هي لاتزال في مهاجعها ... و صوت خفقان أجنحتها و هي تغادر أعشاشها بعد شروق الشمس ...
في هذا اليوم ... جلب لنا ابن عم والدتي ... صناديق كثيرة ... بها أشياء غريبة علينا ... حيث أن زميلاً له ... قرَّرَ إغلاق بقالته الكبيرة ... و قام بتوزيع محتوياتها على معارفه ... و كان نصيب "رجا" صناديق عدّة ... تحوي على أنواع عِدّة من المعلَّبات ... ساعدناه في حملها ... حتى وضعناها في السقيفة التي تعلو مطبخنا الصغير ... و نحن في شوقٍ لمعرفة ماتحتويه ...
أخذ "رجا" علبةً واحدة من كلِّ نوع و بدأ يشرح لنا كُنهها ... هناك علب برطمانين زجاجين ... قارورة زجاجية ... و علبة معدنية عليها رسمة بقرة في حقل ... رفع القارورة الزجاجية المملوءة بمادةٍ حمراء ... أذكُرُ أني رأيتها سابقاً ... عندما أخذني خالي محمد إلى محل "سقراط" ... نعم هذا هو ما أضفناه إلى ال "همبرجر" ... هذا هو الكتشب ... لا أزال أذكر إسمه لغرابته ... فقد مرّ على تذوقي إيّاه أكثر من السنوات الثلاث ... بدأت أحكي لعائلتي قصة "سقراط" ... و وضعهم اللحم في الخبز ذو الشكل الدائري ... و عن طعم هذا الهمبرجر بالكتشب ... و عن وضع هذا الكتشب على البطاطس المقلية ... كم هي لذيذة ... ياسلام ... يوجد هناك صندوق كامل من الكتشب ... يالنا من محظوظين ...
البرطمان الزجاجي ... يحوي على مادة بيضاء ... يميل لونها إلى الأصفر ... و يخبرنا "رجا" أنها تدعى "مايونيز" ... إسم غريب و طعمٌ أغرب ... طعم حامضٌ قليلاً له يلسع طرف اللسان ... و لكنه لذيذ جدّاً ... لانعلم كيف يستخدم و لا إلا أي طعامٍ تتم إضافتهُ ... و لكن أُأَكِّد لكم بأننا سوف نجد طريقةٍ لذيذة لاستخدامه ...
البرطمان الأخير ... يحوي قطع دائرية ذات سطح متموِّج من الخيار ... و منقوعة في سائل مائي شفاف مائل للون الأخضر قليلاً ... أخبرنا "رجا" أنّ هذا مخلَّل خيار ... طعمه لاذع و حلو ... يطغي طعم السُكَّرِ عليه ... لم أُحِبُّه في البداية ... و لكن مع الوقت بدأت أعتاد على طعمه ... أحببته بعد ذلك و لا أزال ...
العلبة المعدنيّة تحوي مسحوق أصفر اللون ... أخبرنا "رجا" أن هذا حليب مجفف ... ماذا؟ حليب على شكل مسحوق ... هذه لم أستوعبها ... فالحليب في تلك الأيّام إما أن يكون طازجاً للتو محلوب من البقرة ... أو معلَّباً في علب معدنية صغيرة نضيفه للشاي كما هو اليوم ... و لكن لاتوجد مساحيق حليبية ... أبداً ... طلب "رجا" كأساً من الماء الدافي ... و وضع ملعقةً من هذا المسحوق فيه ... و أذابه في الماء ... طعمه كالحليب و لاكن لا يضاهي الحليب الطازج أبداً ...
في عصريات العطلة الصيفية ... نحب أن نقف في شرفة الدور الثاني ... و التي تطل على بيوت الحارة التي تبعد عن بيتنا حوالي السبعين متراً ... نستمتع بالهواء المنعش القادم من الشمال ... و نشاهد أولاد الحارة يلعبون هنا و هناك ... و في يد كّلٍ منا ... خبزة ملفوفة ... بها القليل من المايونيز و الكتشب ... و في اليد الأخرى كأساً معدنيّاً كبيراً ... نطلق عليه مسمّى "بالدي" ... مملوءٌ ماءاً بارداً و قد أذبنا فيه ملعقتين من مسحوق الحليب ... و الكثير من السكّر ... نأكل باستمتاع و نتحدّث مع بعضنا .. أو نستمع إلى الراديو القابع على استراحة النافذة القريبة ...
هذه حياتنا ... القليل يُفرِحُنا ... نحاول الإستمتاع بكل لحظة تجمعنا ... مهما كانت الظروف المحيطة بنا ... ذكريات أتمنى لو تم تخزينها على شريط فيديو .. لنراها الآن و نريها لأطفالنا ... ليعلموا و يحسّوا بقيمة و جودنا معاً ... و أهمِّية الجَمْعَة العائلية ... و قيمة النعمة التي نحن فيها ... و ليعلموا أنّ الإنسان هو المُهِم ... فباستطاعته الإستمتاع بكونه بين أحِبّائه ... بدون وجود ألعاب غالية الثمن ... أو تلفاز يحوي الكثير من المحطّات ... أو جهازٍ يتصفحه كلَّ حين ... اللهم أدم علينا نعمتك ... و لاتحرمنا من رحمتك ... اللهم ألِّف بين قلوبنا ... و اجمعنا علي خير ... اللهم آمين ...
آه يازمن لول أيام البساطة في كل شي واﻹستمتاع بكل شي كناﻻنشعربأي نقص نكيف أنفسنا مع الظروف المحيطة بناونسعد بها
ردحذفأختك هيا
وصفك ياخالي رووووعه تمنيت اني موجوده بذاك الوقت
ردحذفاحمد الله انني عشت معك في بعض هذه الذكريات الجمياة كم انا محظوظة سلمت اناملك بوفهد واتحفنا بالمزيد اختك سمية
ردحذفالله ... تمنيت لو اني عشت القليل من ايامكم .. ياحلو البساطه ياحلوها ..
ردحذفام الهنوف