دانيال ... فتى يحب الفضاء ... لايفوّت أفلام الخيال العلمي ... يشعر بالنشوة عندما يقترن الخيال بالعلم ... فالخيال يأخذ الإنسان إلى أماكن لم يزرها أحد قط ... إلى مركز الأرض ... إلى أقصى نقطة في الكون ... إلى أعمق أعماق المحيط ... فكيف إذا وُجِدَ معه تفسير علمي ...
يدخل دانيال إلى البيت ... رسالة مدسوسة من تحت الباب ... ينحني و يرفعها ... يجلس على كرسي طاولة الطعام ... يفتح الرسالة ... "أنقذوني ... داوننق ستريت ... مبنى ١٠" ... في أسفلها توقيع بالأحرف الصغيرة ... "د ر" ... من هذا؟ و لماذا يرسلها إلى بيتنا؟ ... أسئلة كثيرة تمخر في رأس دانيال ... روح المغامرة تدفعه دفعاً إلى أن يلبي طلب الإنقاذ هذا ...
هل أحسست قط و أنت تمشي أو تتحدّث إلى جلسائك بأن هذا الموقف قد عُشتَهُ من قبل ... بأن بعض الأحداث تتكرّر عليك ... و كأنّها منسوخة من ماضٍ سبق و أن عشت تفاصيله ... حتى الكلمات التي يتفوه بها جليسك ... قد سمعتها منه من قبل ... و تحت نفس الظروف ... هذا هو إحساس دانيال الآن ... و لكن لا يشعر بهذا الإحساس حتى يعيش الحدث كاملاً ... ثم يتذكّر أنه سبق و أن عاشه من قبل ...
غير دانيال ملابسه إلى أخرى عملية ... بنطلون جينز و قميص ... جهز حقيبة ظهره ببعض الأدوات التي يتوقع أن يحتاج إليها ... سكين، حبل، مقرِّب، شريط لاصق، قارورة ماء، قلم، دفتر ... و ضعها على ظهره و انطلق إلى داوننق ستريت ممتطياً درّاجته الزرقاء ...
الساعة العاشرة مساءاً ... شارع داوننق غارقٌ في الظلام ... أعمدة الإنارة القريبة من المبنى ١٠ لاتعمل ... يقف دانيال في أول الشارع ... يُخرِج المُقَرِّب من شنطة ظهره ... و يضعه على عينيه ... بحذر يركّز على المبنى ١٠ ... جميع الشقق العشرة مظلمة ... و لا يرى أي حركةٍ بها ... مهلاً هناك شبح شخص في شقة الدور الثالث ... يدٌ تُلوِّح له من النافذة الصغيرة ... يقترب من المبني ... يركن درّاجته ... يفتح الباب بحذر ... و يصعد السلّم الحديدي ... إلى الدور الثالث ... هناك شقّتان ... يقف أمام باب الشقة المقصودة ... يضع إذنه على الباب علّه يسمع شيئاً ... تك تك ... باب الشقة يُفتح من الداخل ... يخرج شخصاً ضخم الجثة ... يرتدي بدلة سوداء أنيقة ... "أهلا سيد دانيال ... تفضل ... كنت في انتظارك" ... يفتح الرجل الضخم باب الشقَّة على مصراعيه ... في اللحظة التي دخل فيها دانيال ... انطلق شخص من داخل الشقّة ... ليدفع الضخم جانباً و يخرج مسرعاً ... و على ظهره شنطة صغيرة ... "تبّاً" ... يسحب الرجل الضخم دانيال ... و يلقي به على كنبة الصالة ... و يقفل الباب و يضع المفتاح في جيبه ... "أمكث هنا و لاتتحرك" ... يُحذِّره و يدخل إحدى الغرف ... دانيال مفزوع ... يحاول تذكُّر وجه الرجل ... هو متأكد من أنه لم يقابله أو يشاهده قبل هذه اللحظه ... من هذا الشخص الذي ولّى هارباً و لم يُعقِّب؟ ... يقف ... يقترب من النافذة ... الشخص الهارب يمتطي درّاجة دانيال و ينطلق بها ... "هيه مهلاً ... لا ... درّاجتي" ...
يعود و يجلس في انتظار تفسير لهذه الأحداث ... و لكن لم تصدر أي حركة أو صوت من غرفة الرجل الضخم ... يقف مرةً أخرى بجانب النافذة ... هناك شخص يمشي في الشارع ... بسرعة يُخرِج دانيال ورقة ... يكتب فيها رسالة إنقاذ و يضع عنوان بيتهم لعل والده أو والدته يرونها ... و يقوموا بطلب المساعدة ... يلوح للشخص الذي يمشي ... و يرمي له الرسالة من فتحة في أعلى النافذة ... يلتقطها الرجل و يمضي ...
بعد أكثر من ساعة ... يرمق دانيال شخصاً يقف في آخر الشارع ... ثم يقترب بدرّاجته إلى باب المبنى ... يسمع حركة حذرة خارج باب الشقة ... يخرج الرجل الضخم ... يفتح باب الشقة ... و يتحدّث مع القادم حديثاً لم يسمعه جيِّداً ... و عندما فتح الضخم الباب على مصراعيه ... انطلق دانيال من باب الشقة ... دافعاً الرجل الضخم جانباً ... و نازلاً مع درجات السلم بأقصى سرعة ... أخذ الدرّاجة الواقفة لدى الباب الخارجي و انطلق عائداً إلى بيته ...
دانيال لم يستوعب الحدث ... لماذا؟ من؟ كيف؟ ... أسئلة كثيرة لم يجد لها جواباً ... لكنه سعيد أنه أنقذ الشخص الذي هرب عند دخوله الشقّة ...يصل "دانيال روبرت" إلى منزله ... يفتح الباب ... هناك رسالة مدسوسة من تحت عقب الباب ... يجلس على كرسي غرفة الطعام ... يفتح الرسالة ...""أنقذوني ... داوننق ستريت ... مبنى ١٠ ... د ر" ... يعود لديه الإحساس بأنه سبق أن عاش هذا الموقف من قبل ...
الفريد هتشكوك العربي.
ردحذف