الخميس، 24 يناير 2013

حَظْرَة

حياة صيادي السمك حياةٌ بسيطة ... يقومون من الصباح الباكر ... و ينطلقون للبحث عن أرزاقهم ... حياتهم معلّقةٌ بسخاء البحر ... يستخرجون منه مايسد رمقهم و يزيد ... يحبون البحر و يعشقون ملوحة هواءه ... هدوءه نعمة ... و غضبه نقمة ... و فيه الخير الكثير ...

تصحو موزة من قبل صلاة الفجر ... تنسحب من الفراش بهدوء ... كي لاتزعج زوجها ... تنطلق إلى الفنر المعلَّق على الجدار المقام من جريد النخل ... تأخذه و تخرج خارج العريش ... ترفع غطاءه الزجاجي ... تشعل كبريتاً ... و تشعل فتيل الفنر ... تغلق غطاءه ... و تحمله من مسكته ... تمشي في الحوش الرملي و خيالها يتراقص على ضوء الفنر ... تدخل إلى المطبخ الصغير ... و هي تسمي بالرحمن و تصلي على النبي المختار ... و تبدأ في تحضير القهوة ... و تسخين الماء لزوجها ... تحمل ماعون الماء الدافئ إلى "القطيع" ... ثم تنطلق لإيقاظ خلفان من نومه ... يقوم مصلياً على الرسول صلى الله عليه و سلم ... "أصبحنا و أصبح الملك لله ... يا الله إني طالبك ترزقني من خيرك ... و تكفيني شر غيرك" ... يغتسل في القطيع ... يجلس على الحصير المفروش أمام المطبخ الصغير ... "كيف أمسيتي يا أم حمد" ... "الحمد لله على الصحة و العافية" ترد عليه موزة ... يأكل تمرات من سرّود التمر أمامه ... و يرشف من فنجان القهوة الساخنة ... تجهّز له موزة قربة ماء و قليل من التمر ... يصليان صلاة الفجر ... يضع خلفان قربة الماء و التمر في جفير ... يضعه على كتفه و ينطلق للبحث عن رزقه الذي كتبه الله له هذا اليوم ... تودِّعه موزة بدعوات من القلب بالرزق الحلال و بحفظه من كل مكروه ...

ظِلُّ خلفان من بعيد ... و هو يمشي على ضوء القمر ... قاصداً البحر البعيد ... يصل إلى شاطئ البحر ... يخلع ثوبه و نعاله ... و يدخل البحر مرتدياً وزاراً و فنيلةً و على كتفه الجفير ... قد انحسر البحر بفعل الجزر .... و أعواد جريد الحظرة بارزةً من سطح البحر ... و كأنها تدعو خلفان و تبشره ... يسمّي بالرحمن ... و يدعو الله بأن يمن عليه بالرزق الوفير ... يدخل الحظرة "ما شاء الله ... ما شاء الله" ... رزق و فير ... أسماك كثيرة ... بدح و شعري و فسكر و شعوم و حمام ... السمك يتحرك في وسط الحظرة ... و خلفان محتار أيها يأخذ ... يلقط من هذه الأسماك ... و يضعها في الجفير ... يخرج و يرمي محصوله على الشاطئ ... ليعود و يملاء الجفير مرةً أخرى ... و هكذا حتى أخرج كل السمك الموجود ... و هو فرحٌ و ممنون لهذا الرزق الوفير ... 

من بعيد ... علي راكب ظهر حماره ... و هو قادم إلى البحر ... يدعوه خلفان ... يحملان السمك على الحمار ... و يقصدان السوق ... ليبيع خلفان السمك تاركاً القليل لطعام غدائهم ... يناول علي ما قسمه الله له ... و يعود إلى موزة سالماً غانماً ... حامداً ربّه على هذه النعمة ...

هناك 3 تعليقات:

  1. حلوه القصه تحمس للبحر نفس الحلم اللي قلت لك عنه الله يعطيك العافيه

    ردحذف
  2. ملحوظه بخصوص الجزر وظل خلفان في نور القمر متناقضه. ربما اكون مخطئا.

    ردحذف
  3. كلامك صحيح ... أقوى مد يكون إذا كان القمر مواجهاً للبحر ... و أقوى جزر إذا كان القمر عند الأفق ... و مابينهما تخف قوة المد حتى تختفي لتبدأ قوة الجزر في التصاعد حتى يصل القمر إلى الأفق ... لذا ممكن أن القمر ينير و البحر جزراً و لكن لم يصل إلى أقصاه ...

    ردحذف

قبل أن أكون

 قبل أن أكون يا ترى .. أين كنت قبل أن أكون؟ أكنت في عالم الذر بداية إلى أن كتب الله لأبي وأمي أن يلتقيا لأكون؟ نعم، لقد كنا أرواحا بلا أجساد...